السبت, 16 أغسطس 2025 03:08 PM

مقاتلون أجانب يطالبون بالجنسية السورية بعد دعمهم للإطاحة بالأسد

مقاتلون أجانب يطالبون بالجنسية السورية بعد دعمهم للإطاحة بالأسد

طالب مقاتلون أجانب، ممن انضموا إلى الحرب الأهلية في سوريا، الحكومة الجديدة التي يقودها إسلاميون بمنحهم الجنسية السورية. وبرروا طلبهم بأنهم يستحقون الجنسية بعد مساعدة المعارضة في الوصول إلى السلطة عقب الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد.

ويعتبر مصير هؤلاء المقاتلين الأجانب من القضايا المعقدة منذ وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة، خاصة مع رفض بعض الدول استعادة من تعتبرهم متطرفين، وقلق بعض السوريين من وجودهم.

يفتقر عدد كبير من المقاتلين وأسرهم، بالإضافة إلى العاملين في الإغاثة والصحفيين الذين انضموا للمعارضة، إلى وثائق قانونية سارية. كما أن بعضهم جُرّد من جنسيته الأصلية ويخشى السجن أو الإعدام في بلاده.

إلا أن منحهم الجنسية السورية قد يثير استياء السوريين والدول الأجنبية، التي تسعى الحكومة الجديدة لكسب دعمها لتوحيد وإعادة بناء البلاد التي دمرتها الحرب.

وجاء في رسالة قُدمت إلى وزارة الداخلية السورية، واطلعت عليها رويترز، أنه يجب منح الأجانب الجنسية ليتمكنوا من الاستقرار وتملك الأراضي والسفر. وأكد المقاتلون الأجانب في الرسالة أنهم تقاسموا الخبز والأحزان والأمل في مستقبل حر وعادل لسوريا، وأن وضعهم لا يزال غامضًا.

وطالبوا القيادة السورية بمنحهم الجنسية السورية الكاملة والحق في حمل جواز سفر سوري.

الشخص الذي قدم الرسالة هو بلال عبد الكريم، وهو ممثل كوميدي أمريكي تحول إلى مراسل عسكري ويقيم في سوريا منذ عام 2012، ويعتبر من الأصوات البارزة بين الإسلاميين الأجانب في سوريا. وأوضح لرويترز أن هذه الرسالة ستفيد آلاف الأجانب من أكثر من 10 دول، من بينهم مصريون وسعوديون ولبنانيون وباكستانيون وإندونيسيون ومواطنون من جزر المالديف، بالإضافة إلى بريطانيين وألمان وفرنسيين وأمريكيين وكنديين وأشخاص من أصل شيشاني ومن قومية الويغور.

لم تتمكن رويترز من تحديد عدد الأشخاص الذين أيدوا هذه الرسالة، لكن ثلاثة أجانب في سوريا، وهم بريطاني وفرنسي وشخص من قومية الويغور، أكدوا تأييدهم للعريضة.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية السورية إن الرئاسة هي صاحبة القرار في قضية منح الجنسية للأجانب، ولم يرد مسؤول إعلامي في الرئاسة على طلب للتعقيب.

وكان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام، قد ذكر أن المقاتلين الأجانب وعائلاتهم قد يحصلون على الجنسية السورية، لكن لم تُنشر أي تقارير عن اتخاذ مثل هذه الخطوة.

يشعر بعض السوريين بالقلق من أن ولاء المقاتلين الأجانب لمشروع إسلامي شامل يفوق ولاءهم لسوريا، ويخشون من تشددهم المفترض. وفي الأشهر التي تلت سقوط بشار الأسد، وُجهت اتهامات لمقاتلين أجانب بالمشاركة في أعمال عنف استهدفت أفرادا من الأقليات الدينية العلوية والدرزية.

وخلص تحقيق أجرته رويترز إلى أن مقاتلين من الويغور والأوزبك والشيشان وبعض المقاتلين العرب شاركوا في أعمال العنف التي اندلعت في الساحل السوري في مارس آذار الماضي، وأودت بحياة أكثر من ألف شخص من العلويين، لكن التحقيق أوضح أن أغلبها نفذته فصائل سورية.

تدفق آلاف الأجانب السنة إلى سوريا بعد خروج مظاهرات حاشدة في 2011 تحولت فيما بعد إلى حرب أهلية بأبعاد طائفية اجتذبت مسلحين شيعة من أنحاء المنطقة. وانضم هؤلاء الأجانب إلى مجموعات متنوعة حارب بعضها هيئة تحرير الشام، بينما رسخ البعض الآخر لسمعة أنهم مقاتلون أشداء ومخلصون اعتمدت عليهم قيادات في الجماعة حتى لحماية أمنهم الشخصي. كما تزوج الكثيرون وصار لهم أسر.

وقال المقاتل المنتمي للويغور، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر، إن هدفه تحول إلى التأسيس لحياة في سوريا الجديدة. وأضاف أن لديه طفلاً في الرابعة من عمره يجب أن يبدأ المدرسة قريبا وعليه أن يفكر في مستقبله بعيدا عن ساحات معارك الجهاد.

وقال توقير شريف، وهو موظف إغاثة كان يحمل الجنسية البريطانية ويعيش في سوريا منذ 2012، لرويترز في مايو أيار إن الأجانب الذين قدموا مساهمات للمجتمع يستحقون الجنسية. وجُرد شريف من جنسيته البريطانية في 2017 بسبب ما قيل عن صلاته بجماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وهو أمر ينفيه. وأضاف أن المهاجرين الذين جاءوا ليسوا قتلة، بل منقذين للأرواح جاءوا إلى هنا لوقف القمع.

وعينت سوريا مقاتلين أجانب في مناصب عسكرية قيادية بعد الإطاحة بالأسد في ديسمبر كانون الأول. وتلقت السلطات السورية الجديدة الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لدمج عدة آلاف في الجيش وكلفت الأجانب بأدوار أخرى.

ويقول المؤيدون لفكرة منح المقاتلين الأجانب الجنسية السورية إن ذلك سيجعلهم خاضعين للمساءلة بموجب قانون البلاد. وقال عبد الكريم، وهو من منتقدي هيئة تحرير الشام والقيادة السورية الجديدة، إن ذلك سيكون النتيجة العادلة للتضحيات التي قدمها الشبان لتحرير البلاد من قبضة بشار الأسد.

ويقول عروة عجوب، وهو محلل سوري يدرس ملف الجماعات السورية المسلحة منذ 2016، إن هذه المسألة يجب أن تعالج عبر الحوار مع مختلف أطياف المجتمع السوري، الذي لا يزال يحمل آراء مختلفة بشأنها.

(REUTERS)

مشاركة المقال: