يشهد التعليم في سوريا تحولًا ملحوظًا مع تزايد الإقبال على المدارس الخاصة، حيث يرى العديد من أولياء الأمور أنها توفر تعليمًا متميزًا يضمن التفوق الأكاديمي لأبنائهم. ومع ذلك، تشير الحقائق ونتائج الامتحانات الرسمية إلى أن هذه الاعتقادات قد لا تكون دقيقة تمامًا.
وفقًا لـ عدنان كامل الشمالي، غالبًا ما لا تتفوق المدارس الخاصة على المدارس الحكومية في النتائج، بل إن نسب التفوق غالبًا ما تكون أعلى في المدارس الحكومية. ويعزى ذلك إلى الخبرة والكفاءة العالية التي يتمتع بها الكادر التدريسي في المدارس الحكومية، حيث يمتلك المدرسون سنوات طويلة من الخبرة والمعرفة المتعمقة بالمناهج الدراسية، مما يؤثر إيجابًا على أداء الطلاب.
في المقابل، تركز المدارس الخاصة في كثير من الأحيان على الجوانب الشكلية والانضباط أكثر من التركيز على جودة التعليم نفسها. بالإضافة إلى ذلك، يفضل العديد من المدرسين المتميزين في المدارس الحكومية تقديم دروس خصوصية لتحقيق دخل أعلى، مما يقلل من حماسهم للعمل في المدارس الخاصة بأجور أقل.
يؤكد الشمالي أن جودة التعليم لا تعتمد على مكان التدريس، بل على قدرة المعلم على توصيل المعلومات وتحقيق الفهم الحقيقي لدى الطلاب. ويرى أن تحسين أوضاع المعلمين في المدارس الحكومية، من خلال زيادة الرواتب ومنحهم صلاحيات أوسع لتطبيق القوانين والانضباط، يمكن أن يحفزهم على تقديم أفضل ما لديهم.
ولتقييم مستوى التعليم الخاص بشكل موضوعي، يقترح تشكيل لجنة وطنية تضم خبراء مستقلين لتقييم المدارس الخاصة بناءً على معايير دقيقة، تشمل خبرة وكفاءة الكادر التدريسي، والالتزام الكامل بالمناهج، وقياس المستوى الحقيقي للطلاب من خلال نتائج الامتحانات الرسمية واختبارات معيارية مستقلة. يجب أن يكون هذا التقييم بعيدًا عن علامات المراحل الانتقالية التي غالبًا ما تكون مرتفعة بشكل مصطنع في المدارس الخاصة لأغراض دعائية.
بناءً على هذا التقييم، يمكن تصنيف المدارس الخاصة إلى متفوقة تستحق الدعم، أو متوسطة تحتاج إلى تطوير، أو ضعيفة يتم إلغاء تراخيصها أو دمجها في التعليم الحكومي. ويجب نشر نتائج التقييم سنويًا لضمان الشفافية وتمكين أولياء الأمور من اتخاذ قرارات مستنيرة.
الخلاصة: التعليم رسالة تقوم على المعرفة الحقيقية والمخرجات الدقيقة. من خلال الاهتمام بالواقع وتقييم الأداء باستمرار، يمكننا ضمان نشأة جيل واعٍ وقادر على مواجهة تحديات المستقبل بثقة ومعرفة، وحماية التعليم من أن يصبح مجرد أداة للربح على حساب جوهره وهدفه.