الجمعة, 15 أغسطس 2025 07:52 PM

رحيل صنع الله إبراهيم: وداعاً للأديب الذي واجه الاستبداد بقلمه الحر

رحيل صنع الله إبراهيم: وداعاً للأديب الذي واجه الاستبداد بقلمه الحر

دمشق-سانا: يمثل الراحل صنع الله إبراهيم، الروائي المصري، نموذجاً فريداً في الأدب، حيث امتزجت مواقفه السياسية والاجتماعية بإبداعاته الأدبية. لقد عكس أدب إبراهيم رؤيته للحياة، ونزعته النقدية، وتجديده في أسلوب السرد والتجريب.

من "تلك الرائحة" كانت البداية

يُعد صنع الله إبراهيم من أوائل الأدباء العرب الذين وثقوا تجاربهم في سجون الرأي، حيث اعتُقل عام 1959 بسبب انتماءاته السياسية. بعد خروجه من المعتقل عام 1965، نشر مجموعته القصصية الأولى "تلك الرائحة"، التي سجل فيها تفاصيل السنوات الست التي قضاها في السجن والفترة التي تلت إطلاق سراحه. لم تلق المجموعة، التي ضمت قصصاً مثل (تلك الرائحة، والثعبان، وأرسين لوبين، وبعد الظهر عبر ثلاثة أسرة، وأغاني المساء، وأبيض وأزرق)، الانتشار المطلوب، حيث صودرت الطبعة الأولى، واضطر إبراهيم للانتظار حتى عام 1986 ليتمكن من طباعتها كاملة. ومع ذلك، لا تزال المجموعة تحتفظ بنضارتها، وتعبر عن روح الإنسان المنهزم، كما يتضح في قصة "تلك الرائحة" التي تحكي عن معتقل يُخلى سبيله ولا يجد من يستقبله، فيعود إلى المعتقل مرة أخرى.

التجربة الأهم… عالم الرواية الفسيح

لم يتبع إبراهيم مدرسة معينة في الرواية، بل تميز ببراعته في الصنعة الأدبية واستخدامه لتقنيات سردية غير تقليدية في كل عمل من رواياته الـ 15، وصولاً إلى روايته الأخيرة "1970" التي صدرت عام 2020. في هذه الرواية، تناول العام الأخير من حياة الرئيس جمال عبد الناصر مستخدماً تقنية الكولاج، من خلال دمج السرد مع مقتطفات من الصحف، كالإعلانات والأخبار المحلية والثقافية والاقتصادية. كما استخدم ضمير المخاطب لبناء حوار مباشر مع شخصية عبد الناصر. وفي روايته "أمريكانلي" التي صدرت عام 2003، استوحى مشهديتها من فصل دراسي في جامعة بمدينة سان فرانسيسكو بين أستاذ مصري وطلاب يمثلون التنوع العرقي في المجتمع الأمريكي، ليعبر عن رؤيته لحقيقة المجتمع الأمريكي والتفاوت الطبقي فيه. أما روايته الأشهر "التلصص" فهي عمل أدبي فريد، حيث يروي الأحداث طفل في الخامسة من عمره لا نعرف اسمه، وينقل ببراءة وفضول قصص العالم من حوله، وحياة الناس في الحارة والسوق والمسجد والبيت، ليكشف إبراهيم من خلاله الحقائق المرة عن المجتمع وحياة الناس المليئة بالنفاق.

وداعاً صنع الله إبراهيم

رحيل صنع الله إبراهيم في الـ 13 من آب الحالي، يمثل نهاية تجربة أدبية هامة، وسيرة أديب دافع عن قيم العدل والحرية، وحارب الفقر والخيانة والفساد بقلمه.

بصمة صنع الله إبراهيم في الأدب العربي

ولد الروائي المصري الراحل صنع الله إبراهيم عام 1937، وترك بصمة واضحة في الأدب العربي. يُعد إبراهيم من أبرز الروائيين المصريين والعرب الذين ارتبطت أسماؤهم بالثقافة والسياسة، وحصل على جوائز مرموقة تقديراً لمساهماته في الأدب العربي. من أبرز رواياته: "بيروت بيروت"، و"نجمة أغسطس"، و"اللجنة"، و"شرف"، و"الجليد"، و"ذات".

مشاركة المقال: