السبت, 9 أغسطس 2025 10:05 PM

تراجع الإقبال يهدد نظام التدريب المهني في ألمانيا: أزمة تواجه الشركات والشباب

تراجع الإقبال يهدد نظام التدريب المهني في ألمانيا: أزمة تواجه الشركات والشباب

يواجه نظام التدريب المهني الألماني، الذي لطالما اعتُبر نموذجًا عالميًا، تحديات متزايدة بسبب تراجع أعداد المتقدمين وارتفاع معدلات الانسحاب. هذا الوضع يهدد بتفاقم النقص في العمالة الماهرة، خاصة في القطاعات الصناعية والحرفية.

يانِّس، شاب يبلغ من العمر 17 عامًا من قرية دوبريكوف، اختار برنامج "أوسبيلدونغ" للتدريب المهني بدلاً من إكمال تعليمه الثانوي. البرنامج، الذي يمتد لثلاث سنوات ويجمع بين الدراسة والعمل الميداني، كان لسنوات عديدة مسارًا للشباب نحو وظائف مستقرة. حتى أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أشاد به في خطاب حالة الاتحاد، وفقًا لـ "بلومبيرغ".

لكن الأرقام الحديثة تشير إلى تراجع جاذبية هذا المسار. أظهر استطلاع لغرفة التجارة والصناعة الألمانية أن 48% من الشركات التي تقدم برامج تدريب مهني في عام 2024 لم تتمكن من ملء جميع شواغرها، بينما لم تتلق أكثر من ثلث هذه الشركات أي طلبات على الإطلاق. هذا ترك حوالي 25 ألف شركة من دون متدربين، خاصة في قطاعات الصناعة، الضيافة، النقل، التجزئة، والبناء.

يعزو الخبراء هذه الأزمة إلى "عدم تطابق" بين طبيعة الوظائف وتطلعات المتقدمين، بالإضافة إلى بطء إدماج برامج التدريب على المهن الرقمية، وتردد الشباب في الالتحاق بوظائف معرضة للأتمتة أو النقل إلى الخارج. كما ساهمت التغيرات الديمغرافية، مثل انخفاض معدلات المواليد وارتفاع نسبة السكان فوق سن 40، في تفاقم المشكلة.

تشير الشركات إلى تراجع جودة المتقدمين، حيث أفاد 73% منها بعدم العثور على مرشحين مؤهلين. يؤكد ديرك شولتسه، صاحب ورشة النجارة التي يعمل بها يانِّس، قائلاً: "يمكنك الإعلان وفعل ما تشاء — لن تجد أحدًا بعد الآن"، وفقًا لـ "بلومبيرغ".

يرى المعلمون في أكثر من 3,600 مدرسة مهنية أن النظام يعاني من بطء تحديث المناهج، حيث قد يستغرق تنفيذ لوائح تدريب جديدة 3 سنوات بسبب الإجراءات البيروقراطية. كما أن تنوع خلفيات الطلاب، ووجود حاملي شهادات ثانوية أو جامعية، إلى جانب ارتفاع عدد غير الناطقين بالألمانية، يوسع فجوة المعرفة داخل الصفوف.

تواجه المدارس أيضًا تحديات سلوكية، حيث أشار يانِّس إلى وجود شعارات يمينية متطرفة وسلوكيات غير لائقة بين بعض زملائه، في حين تعاني مؤسسات أخرى من نقص الكوادر وضغط العمل.

يمثل العامل المادي عقبة إضافية، حيث يتقاضى المتدربون في الشركات غير النقابية أجرًا قد لا يتجاوز 500 يورو شهريًا، مقارنة بـ 900 يورو في الشركات النقابية. وفي المناطق النائية، يشكل ضعف وسائل النقل عائقًا أمام الوصول إلى مواقع التدريب، كما هو الحال في شركة "ألتيك" قرب الحدود البولندية، التي تخطط لفتح مدرسة مهنية داخل موقعها الصناعي.

تأتي هذه التحديات في وقت أعلنت فيه حكومة المستشار فريدريش ميرز خطة استثمارية بقيمة 500 مليار يورو لتطوير البنية التحتية، وهو مشروع يتطلب عمالة ماهرة لتنفيذه. يحذر الخبراء من أن ضعف نظام التدريب المهني قد يعرقل هذه الجهود ويؤثر على مستقبل الاقتصاد الألماني بأكمله.

(alaraby)

مشاركة المقال: