الأحد, 10 أغسطس 2025 06:03 PM

تزايد الاعتماد على الإعانات: لماذا يجد الألمان صعوبة في تغطية نفقات المعيشة رغم عملهم؟

تزايد الاعتماد على الإعانات: لماذا يجد الألمان صعوبة في تغطية نفقات المعيشة رغم عملهم؟

في خطابه أمام البرلمان الألماني (بوندستاغ)، عرض المستشار فريدريش ميرتس رؤية الحكومة حول إصلاح إعانة البطالة المعروفة بـ "دخل المواطن Bürgergeld". وأكد ميرتس على أهمية العمل وأن "الجهد يجب أن يؤتي ثماره"، مشدداً على ربط الأجر بالأداء.

لكن هذه التصريحات تتناقض مع إحصائيات حديثة تشير إلى ارتفاع عدد العاملين الذين يتلقون إعانات "دخل المواطن Bürgergeld" إلى 826 ألف شخص في عام 2024، بزيادة قدرها 30 ألفًا عن عام 2023، وهو أول ارتفاع منذ عام 2015. تزامن ذلك مع تطبيق الحد الأدنى للأجور في ألمانيا.

في عام 2024، بلغت تكلفة هذه الإعانات حوالي 7 مليارات يورو، بزيادة مليار يورو مقارنة بعام 2022. وقد كشفت الحكومة هذه الأرقام ردًا على طلب إحاطة من جيم إنجي، عضو البوندستاغ عن حزب اليسار، الذي اعتبر أن اعتماد مئات الآلاف على مساعدات الدولة رغم عملهم أمر غير مقبول، معتبراً ذلك دعمًا للأجور المنخفضة واستغلالًا للعمال.

يرى جيم إنجي أن الحد الأدنى للأجور في ألمانيا منخفض للغاية. فعلى الرغم من رفعه إلى 12 يورو في الساعة عام 2023، إلا أنه لم يرتفع إلا بشكل طفيف إلى 12.82 يورو حاليًا. وقد أعلنت لجنة الحد الأدنى للأجور الألمانية عن زيادته على مرحلتين: إلى 13.90 يورو في يناير 2026، ثم إلى 14.60 يورو بعد عام، وهي أقل من 15 يورو التي كان يطالب بها الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

تؤكد هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة “Sanktionsfrei”، أن هذه الزيادات الطفيفة لا تواكب ارتفاع الإيجارات وتكاليف المعيشة، حيث ارتفع متوسط الإيجار في ألمانيا بنسبة 4.7% في العام الماضي وحده، ووصل إلى 8.5% في برلين. وترى أن هذا هو سبب اضطرار المزيد من الناس إلى زيادة دخولهم، لأن الحد الأدنى للأجور لا يغطي النفقات.

بالمقابل، يرى بعض الاقتصاديين أن الحد الأدنى للأجور ليس له علاقة بعدد العاملين المحتاجين للإعانات. ويقول هولغر شيفر، الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW)، أن معظم هؤلاء الأشخاص لا يعملون بدوام كامل، بل في مرحلة التدريب أو بدوام جزئي، وبالتالي فإن الحد الأدنى للأجور لن يفيدهم.

تؤكد الإحصائيات أن حوالي 81 ألف عامل فقط من بين 826 ألف يتلقون إعانات يعملون بدوام كامل. لكن جيم إنجي يرى أن ذلك لا يبرر دفع أجور منخفضة، معتبراً الحد الأدنى للأجور الحالي "أجر فقر".

وترى هيلينا شتاينهاوس أن السبب وراء عمل الكثيرين بدوام جزئي هو حاجتهم لرعاية الأطفال، في ظل نقص البنية التحتية اللازمة لذلك. ويوجد في ألمانيا حوالي 306 آلاف طفل دون سن الثالثة بلا مكان في الحضانات.

ويجادل هولغر شيفر بأن رفع الحد الأدنى للأجور قد يكون له نتائج عكسية، حيث قد تخفض الشركات طلبها على العمالة بسبب ارتفاع التكلفة. لكن هيلينا شتاينهاوس ترفض هذا الرأي، مؤكدة أن جمعيات أصحاب العمل تروج لهذه الحجة منذ سنوات دون إثبات صحتها.

يعتقد هولغر شيفر أن الارتفاع الأخير في عدد المحتاجين للإعانات ضئيل نسبيًا، وأن الاتجاه العام المنخفض منذ عام 2015 لا يزال قائمًا، ويرى أن ارتفاع العام الماضي ربما كان مرتبطًا بالظروف الاقتصادية العامة.

من المرجح أن يتمسك المستشار الألماني الجديد بخططه لإصلاح نظام إعانات البطالة لجذب المزيد من العمال إلى سوق العمل. لكن هيلينا شتاينهاوس ترى أن حجج ميرتس خاطئة، وأن خفض الإعانات سيؤدي إلى تنافس سلبي بين الفقراء.

(DW)

مشاركة المقال: