دمشق-سانا: تواجه مديرية الحراج في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تحدياً كبيراً إثر الحرائق التي أتت على مساحات واسعة في ريف اللاذقية الشمالي. وتسعى الوزارة جاهدة لمعالجة الأضرار التي لحقت بالثروات الزراعية والحراجية، ووضع خطط لاستعادة الغطاء النباتي المفقود.
لجان فنية وخطط لزراعة أنواع حراجية مناسبة بيئياً
أوضح المهندس مجد سليمان، مدير الحراج في وزارة الزراعة، أنه تم تشكيل لجان فنية متخصصة تضم خبراء وأكاديميين حراجيين لتقييم الأضرار في المساحات الزراعية والحراجية، ووضع رؤية لاستعادة النظم البيئية. وتركز المديرية في المدى القصير على التدخل في المواقع الحراجية القريبة من القرى المتضررة، من خلال زراعة أنواع حراجية متعددة الأغراض واقتصادية، مثل الخرنوب والسماق والبطم والغار، لخلق نموذج تشاركي مع المجتمع المحلي.
أما على المدى البعيد، فتهدف الخطة إلى حماية المواقع المتضررة وإتاحة الفرصة للتجدد الطبيعي، خاصةً وأن الحرائق اندلعت في فترة وجود الحمل البذري لأنواع من المخروطيات كالصنوبر والبيوتي وأنواع من عارضات الأوراق. وأكد سليمان على ضرورة حماية الغراس والأشجار الحراجية من القطع، بالإضافة إلى حماية التنوع البيولوجي الحيواني والنباتي، والمياه الجوفية ومساقط المياه، وحماية التربة من الانجراف لمدة سنتين.
630 طرازاً وراثياً نباتياً في مناطق الحرائق
أشار سليمان إلى أن الوزارة، من خلال الفرق الفنية في دائرة الحراج بمحافظة اللاذقية، ستعمل على جمع البذور الحراجية من الأشجار السليمة في موقع الحريق أو المواقع الموازية للحفاظ على الطرز الوراثية الموجودة في المنطقة، والتي تضم 630 طرازاً وراثياً نباتياً.
وتجري المديرية دراسات على الغطاء النباتي الحراجي السائد وكيفية نموه. وأضاف: "إذا كان النمو ضعيفاً، فسنعطي الفرصة الأكبر للتجدد الطبيعي ونترك الجذوع دون قطع لمدة أطول. أما إذا كان نمو الأنواع الحراجية أكبر من النوع السائد، فسنقوم بالتدخل إما بنثر البذور الحراجية أو بزراعة الغراس الحراجية المناسبة".
الغطاء النباتي الحراجي يستعيد نفسه بنفسه
أكد مدير الحراج أن الغطاء النباتي الحراجي قادر على التجدد الذاتي، ويحتاج فقط إلى الحماية. وتتحدد مدة تعافي النظام البيئي الحراجي بناءً على شدة الحريق وتكراره. فالمواقع التي تعرضت لشدة متوسطة تتجدد ذاتياً عن طريق إنبات البذور الموجودة في الفرشة الغابية أو عن طريق البصيلات والريزومات، أما المواقع التي تعرضت لحرائق عالية الشدة فتتجدد عن طريق نثر البذور الحراجية أو نثر البذور بكرات الطين.
خطة لإنتاج الغراس والتحريج الاصطناعي
أعلنت وزارة الزراعة عن خطة لإنتاج الغراس والتحريج الاصطناعي لاستصلاح الأراضي وزراعة أكثر من 53 نوعاً حراجياً، وتحريج مواقع في مختلف المحافظات. وتشمل الخطة المقترحة للموسم (2025 – 2026) نحو 1000 هكتار. وتعمل المديرية على دعم الفرق الحراجية من خلال الدورات التدريبية الفنية وتزويدهم بالعمال وتقديم الإمكانيات اللوجستية اللازمة.
الحرائق أثرت على السياحة البيئية في الساحل السوري
أوضح المهندس عمر زريق، رئيس دائرة التنوع الحيوي في مديرية الحراج، أنه تمت حماية محمية الفرنلق التي تتضمن أنواعاً متعددةً من السنديانيات، وتتميز بتنوع وغزارة وتفرد المناظر الطبيعية وتعدد المكونات الحيوية. وتعد المحمية منطقة لحفظ الأصول الوراثية للسنديان.
وأشار زريق إلى أن الحرائق تسببت بفقدان العوائد السياحية البيئية التي كانت توفرها هذه المساحات بالساحل السوري، وبالتأثير في الخدمات البيئية التي تقدمها الغابات وحفظ مكونات التنوع الحيوي والتصدي لظاهرة التغيرات المناخية، وبخسارة المناطق لمراعي النحل والنباتات الطبية والعطرية التي تشكل مصادر دخل للمجتمعات المحلية، وبنفوق كائنات حية دقيقة في الطبقة السطحية العلوية من التربة، والعديد من الكائنات الحية بطيئة الحركة، وبهجرة الكائنات الحية القادرة على الحركة بسرعة.
كما أسهمت الحرائق، وفق رئيس دائرة الحماية في مديرية الحراج المهندس مهيدي اليوسف، في غياب الغطاء النباتي والتأثير في مكوناته المختلفة، وزيادة تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون، واحتراق العديد من الأشجار المعمرة، وزيادة التعرية المائية والريحية، وغياب التنوع الحيوي، إضافة إلى أضرار وقعت في المستلزمات الخدمية للمواطنين كالأسلاك الكهربائية، وأنابيب المياه، والآبار المغذية للأراضي، وتعبئة الصهاريج.
دور المجتمع المحلي في حماية الغابات
أكد اليوسف على أهمية وعي المجتمع المحلي في حماية الغابات والحد من تداعيات الحرائق، من خلال الإبلاغ السريع عن وقوعها والمساهمة في إطفائها ريثما تصل فرق الإطفاء، وتقديم الدعم اللوجستي والمساعدة المطلوبة للفرق المختصة، وإرشادها خلال عمليات الإطفاء، وتعزيز ثقافة حماية الغابات والحفاظ على تنوعها الحيوي.
وأشار إلى دور المجتمع الأهلي في إطفاء الحرائق في ريف اللاذقية، حيث كانوا إلى جانب الفرق الحراجية والدفاع المدني، وشكلوا لجاناً محليةً بالتنسيق مع الدوائر الحراجية لتقديم المساعدات الصحية والغذائية، وإرشاد الفرق خلال عمليات شق الطرق الحراجية وإخماد النيران.
الحرائق تدمر أكثر من 16 ألف هكتار في الغابات الحراجية
خلال شهر تموز الماضي، دمرت حرائق واسعة في ريف اللاذقية الشمالي أكثر من 16 ألف هكتار من الغابات الحراجية، منها 2200 هكتار من الأراضي الزراعية، وتسببت بتضرر 45 قرية. وواجهت فرق الإطفاء والدفاع المدني صعوبات كبيرة لإخمادها، أبرزها الألغام ومخلفات الحرب، إضافة إلى الرياح القوية ووعورة التضاريس وغياب خطوط الفصل الناري. وساعدت فرق إطفاء من تركيا والأردن والعراق ولبنان وقطر في إخماد هذه الحرائق.
فرق الإطفاء بسوريا تستجيب لأكثر من 4000 حريق خلال 3 أشهر
ذكرت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث أن فرق الإطفاء في عموم سوريا استجابت لأكثر من 4000 حريق منذ بداية شهر نيسان حتى تموز الماضيين، حيث سجلت مدينة حلب أكثر من 789 حريقاً، تلتها اللاذقية بـ 601 حريق، بينما تم تسجيل 2054 حريقاً حراجياً وزراعياً في عموم المناطق السورية، وسجلت محافظة اللاذقية العدد الأكبر بـ 441 حريقاً، تلتها طرطوس بـ 308 حرائق زراعية وحراجية.