الجمعة, 8 أغسطس 2025 03:42 PM

تصاعد التوتر بشأن غزة: إسرائيل تتجه نحو توسيع تدريجي للعدوان وسط خلافات سياسية وعسكرية

تصاعد التوتر بشأن غزة: إسرائيل تتجه نحو توسيع تدريجي للعدوان وسط خلافات سياسية وعسكرية

تستعد إسرائيل لمرحلة حاسمة في حربها المستمرة منذ عامين تقريبًا على قطاع غزة، في ظل تصاعد التوتر بين القيادتين السياسية والعسكرية حول مستقبل الحرب وإمكانية توسيعها نحو "احتلال شامل".

أكد رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زمير، أن الجيش وصل إلى المراحل النهائية من عملية "مركبات جدعون"، معتبرًا أن "أهداف العملية قد تحققت وتم تجاوزها". وأشار إلى أن قواته قادرة الآن على فرض "واقع أمني جديد" على حدود غزة، مضيفًا أن "سياسة الاحتواء" لم تعد مقبولة، وأن "الجيش سيكشف التهديدات في مهدها"، متوعدًا بـ"هزيمة حماس وانهيارها"، مع إبقاء مسألة الأسرى على رأس الأولويات.

وترجمة لهذه التصريحات، أرسل المستوى الأمني إشارات حول عدم نيته خوض معركة برية جديدة واسعة، حيث بدأ الجيش بـ"تقليص عديد قواته داخل القطاع"، وأعاد المئات من جنود الاحتياط إلى منازلهم.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس قناعة لدى قيادة الجيش بأن "الحرب، من الناحية العملياتية، قد انتهت أو أوشكت"، على الرغم من عدم وجود إعلان رسمي بذلك. في المقابل، واصل رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الترويج لرؤيته عبر وسائل الإعلام، مؤكدًا خلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" عزمه "السيطرة على غزة وتحرير سكانها من حماس"، مع التأكيد على أن إسرائيل "لا تريد حكم غزة"، بل تسعى لأن "تتولى جهات عربية إدارتها لاحقًا".

وكان نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف قد صعّدوا الضغوط على زمير، ولوّح بعض المقربين من رئيس الحكومة بإقالة رئيس الأركان إذا استمر في معارضة التوجهات السياسية. كما أعلن وزراء من اليمين المتطرف أن "الاحتلال الكامل" لغزة هو الخيار المفضل، معتبرين أي اعتراض عسكري على هذا المسار "تجاوزًا للصلاحيات". وبلغ التوتر السياسي العسكري ذروته مع تدخل الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، شخصيًا، وإجرائه اتصالًا بزمير لإبلاغه دعمه في وجه "الضغوط السياسية".

وعلى وقع الانقسامات والاختلافات، اجتمع "الكابينت" الإسرائيلي في جلسة وُصفت بأنها "مصيرية" لمناقشة السيناريوهات المحتملة لـ"توسيع الحرب". وطُرحت خطتان رئيسيتان: الأولى تدعو إلى اجتياح بري شامل للمناطق غير الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والثانية ترتكز على فرض حصار محكم على معاقل مزعومة لـ"حماس" مع تنفيذ عمليات محدودة. وأوصى جيش الاحتلال بالخيار الثاني لأسباب تتعلق بـ"سلامة الرهائن وتقليل الخسائر بين الجنود"، فيما ضغط نتنياهو في اتجاه تفعيل الخطة الأولى، زاعمًا أنها تمنح "أفضل فرصة" لتحرير الأسرى والقضاء على "حماس".

وبحسب تسريبات إعلامية، فإن خطة نتنياهو تتضمن السيطرة على مدينة غزة ومخيمات اللاجئين ودفع السكان نحو "منطقة المواصي الإنسانية" في رفح جنوبًا. ووفق تقييمات الجيش، فإن تنفيذ هذه الخطة سيستغرق ما بين أربعة وخمسة أشهر من القتال المكثف، في حين أن القضاء التام على "حماس" قد يتطلب "سنوات لاحقة".

وبحسب الترجيحات، فإن "الكابينت" يبدو أقرب إلى إجراء تصويت بالموافقة على توسيع العمليات العسكرية في غزة على "مراحل تدريجية" بهدف تصعيد الضغط على "حماس" ومحاولة استثماره في المفاوضات. ومع ذلك، قدّرت مصادر عبرية أن نتنياهو يتمتع بأغلبية كافية داخل "الكابينت" لتمرير خطته.

كما ناقش اجتماع "الكابينت" سيناريوهات "اليوم التالي" لأي احتلال محتمل للقطاع، حيث جدّد نتنياهو تأكيده أن إسرائيل "لن تضم غزة"، بل ستقيم "إدارة انتقالية" تمهيدًا لـ"نقل السلطة إلى جهة عربية أو دولية". وهنا، يبرز العامل الأميركي بوصفه عنصرًا حاسمًا في حسابات تل أبيب. فبينما قالت "القناة 12" إن ترامب "لا يعارض" خطة نتنياهو، نقلت القناة نفسها لاحقًا عن مسؤول أميركي إشارته إلى أن "واشنطن ترفض ضمًا دائمًا لأراضٍ في غزة"، مؤكدة أن دعمها لإسرائيل "لا يشمل تغيير الوضع القانوني للقطاع".

وخارج قاعة اجتماع "الكابينت"، تصاعدت الاحتجاجات رفضًا لتوسيع الحرب. وتظاهر العشرات من عائلات الأسرى أمام مقر "الكابينت" في القدس المحتلة، مطالبين "بعدم التضحية بأبنائهم والبحث عن حل تفاوضي". كما عبّر "منتدى الجنرالات" ضمن "حزب الديمقراطيين" بقيادة يائير جولان، عن معارضته الشديدة لسيناريو احتلال غزة، محذرًا من "عواقب وخيمة".

مشاركة المقال: