الجمعة, 8 أغسطس 2025 12:47 PM

استثمارات بمليارات الدولارات في سوريا: هل تتحول الوعود إلى واقع ملموس؟

استثمارات بمليارات الدولارات في سوريا: هل تتحول الوعود إلى واقع ملموس؟

تعيش سوريا حالة من التفاؤل الحذر مع الإعلان عن استثمارات ضخمة وخطط حكومية طموحة للإصلاح وإعادة الإعمار، مع التركيز على جذب الاستثمار بدلًا من الاعتماد على التمويل الخارجي. وتؤكد دمشق على أهمية الوقت لتحويل هذه الخطط إلى واقع ملموس يشعر به المواطن في حياته اليومية.

بلغت قيمة الاستثمارات المعلنة 14 مليار دولار خلال ستة أشهر، وهو ما يعادل سبعة أضعاف ميزانية الدولة في السنوات الأخيرة من حكم النظام البائد، مما يعكس عودة سوريا إلى التعافي وجاذبيتها الاستثمارية رغم التحديات.

إلا أن البعض يعبر عن قلقه من كثرة الاتفاقات مع بقاء الفجوة كبيرة بين الوعود والواقع، بعد مرور نحو ثمانية أشهر على سقوط النظام البائد.

المستشار المالي والمحلل الاقتصادي، سعود الرحبي، يرى في حديث لـ "حلب اليوم" أن الوضع معقد، وأن الآراء متباينة حول هذه الاستثمارات، بين من يراها بصيص أمل ومن يعتبرها وعودًا لم تتحقق بعد. ويضيف أن الشعور المختلط لدى السوريين طبيعي، فبينما يتطلعون إلى مساهمة هذه المشاريع في إعادة الإعمار وتحسين الاقتصاد، يظل الحذر والتشكيك حاضرين بسبب التجارب السابقة وعدم رؤية تأثير ملموس على حياتهم اليومية.

ويؤكد الرحبي على أن المشاريع الكبرى تحتاج وقتًا للتنفيذ، بينما ينتظر المواطن حلولًا سريعة لمشاكل المعيشة اليومية، مثل توفر الكهرباء والوقود والغذاء بأسعار معقولة، مما يجعل تحقيق التوازن بين التخطيط للمستقبل وتلبية الاحتياجات الحالية تحديًا كبيرًا للحكومة.

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، لـ "حلب اليوم" أن الاتفاقيات بهذا الحجم تحتاج إلى وقت للبدء والتنفيذ بسبب حجمها وتعقيداتها، بالإضافة إلى الحاجة لتجهيز البنية التحتية اللازمة. ويتوقع أن يستغرق تنفيذ المشاريع من سنتين إلى ثلاث سنوات، مع الأخذ في الاعتبار حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية.

ويرى مراقبون أن الاستثمارات المعلنة، خاصة في مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل مطار دمشق الدولي، ومترو العاصمة، وبوليفارد حمص، تمثل نقلة نوعية في تحقيق تطلعات السوريين، وتؤكد على عودة سوريا إلى مسار التنمية.

ويشدد الرحبي على أن النهضة الاقتصادية تتطلب أكثر من مجرد مشاريع بنية تحتية، بل تحتاج إلى بيئة استثمارية مستقرة، وقوانين شفافة، ومؤسسات قوية، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي والأمني.

ويضيف قضيماتي أن هناك شقين للعمل: ما يتعلق بالمشاريع والمستثمرين، وما يتعلق بالدولة والبنية التحتية. ويؤكد على أهمية الاتفاقيات في تشجيع المستثمرين على دخول السوق السورية، خاصة في قطاع العقارات.

وتشمل مشاريع البنية التحتية مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك التعليم والصحة، مما يبشر بتحسين تدريجي في هذه المجالات.

ويشير الرحبي إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي لسوريا بين الجزيرة العربية وتركيا، والذي يمنحها دورًا محوريًا في التعاون الإقليمي، كما أشار إلى ذلك المبعوث الأميركي توم باراك. ويتوقع مراقبون أن تصبح سوريا مركزًا لمستقبل المنطقة.

ويضيف أن سوريا تمثل نقطة وصل تاريخية بين الشرق والغرب، مما يمنحها فرصة كبيرة للعب دور محوري في الاقتصاد الإقليمي، ولكن تحقيق ذلك يتطلب تجاوز التحديات الحالية وعودة العلاقات الطبيعية مع الجيران والاندماج في الاقتصاد العالمي.

وتؤكد الحكومة أن هذه الاستثمارات ستوفر عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة، وهو ما يؤيده الرحبي، مشيرًا إلى أن مشاريع البناء والتشييد تتطلب عددًا كبيرًا من العمال، ولكن التقييم الحقيقي يعتمد على توفير التدريب اللازم، واستدامة الوظائف، والأجور المناسبة.

ويختتم الرحبي بالتأكيد على أن الطريق إلى التعافي الحقيقي طويل ويتطلب أكثر من مجرد إعلانات.

وبحسب وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس محمد عنجراني، فإن الخطة الوطنية تشمل كل القطاعات في مختلف المحافظات السورية، حيث تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم المهمة التي تهدف إلى إقامة مشاريع تنموية واستثمارية متكاملة تشمل قطاعات السكن، السياحة، البيئة، والخدمات.

ومن أبرز المشاريع بحلب، مشروع الحيدرية، وهو مشروع سكني إستراتيجي لإعادة إعمار الأحياء المتضررة في مدينة حلب، بتكلفة تبلغ 40 مليون دولار، ويوفر بيئة عمرانية حديثة تلبي احتياجات المواطنين، ومول المهندسين بتكلفة تبلغ 25 مليون دولار، وهو صرح تجاري في قلب المدينة، يهدف إلى تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز فرص العمل.

وذكر عنجراني أن من مشاريع حماة، مشروع وادي الجوز، وهو ضاحية سكنية وتجارية حديثة بتكلفة تبلغ 282 مليون دولار لتحسين الواقع السكني في المحافظة.

وفي اللاذقية هناك مشاريع منها مشروع فيو، وهو منتجع سياحي من فئة سبع نجوم بتكلفة تبلغ 3.5 ملايين دولار، ومشروع مرسى شمس، وهو فندق ومنتجع على الواجهة البحرية بتكلفة تبلغ 150 مليون دولار، يعزز مكانة المدينة كمقصد سياحي.

كما تم التوقيع على مذكرات تفاهم تشمل مشاريع حيوية في دمشق، منها إنشاء مترو أنفاق داخل دمشق ولعدد من المحاور وتبلغ تكلفته 2 مليار دولار، ومشروع أبراج البرامكة، وهو مجمع متكامل سكني وتجاري وسياحي في وسط العاصمة، مرفق بمشاريع بنية تحتية داعمة بتكلفة تبلغ 400 مليون دولار، وفقا للوزير.

وذكر من مشاريع دمشق أيضاً؛ مشروع ماروتا السكني في ماروتا سيتي، والمتضمن تنفيذ 25 مقسماً للسكن البديل في باسيليا سيتي بتكلفة تبلغ 160 مليون دولار، ومشروع تنفيذ الأعمال المتبقية من البنى التحتية في مشروع ماروتا سيتي، بالإضافة إلى إدارة وتشغيل وصيانة واستثمار مشروع البنى التحتية ودراسة وتنفيذ خدمات المدينة الذكية بقيمة تبلغ 165 مليون دولار.

وفي محافظة إدلب، تم التوقيع على مشروع بيئي بتكلفة تبلغ 57.5 مليون دولار، وهو منشأة بيئية متقدمة لإنتاج الكهرباء والغاز والأسمدة من النفايات، ضمن رؤية مستدامة، أما في حمص، فقد تم التوقيع على مشروع بوليفارد، وهو مشروع سكني تجاري متكامل لإعادة إعمار مدينة حمص، وإنشاء ضاحية حديثة بمعايير السكن المعاصر بتكلفة تبلغ 900 مليون دولار.

مشاركة المقال: