تتداول الأوساط المحلية في حلب أنباء عن عودة الحاج خالد حسين المرعي، القائد المؤسس لـ لواء الباقر، إلى حي المرجة، وسط انتشار محدود لعناصره. في المقابل، نفت مصادر أخرى هذه العودة، مشيرة إلى تفاهمات غير معلنة بين مقربين من الإدارة السورية الجديدة وقيادات في اللواء، وذلك بعد أشهر من سقوط النظام السابق في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
على الرغم من غياب التصريحات الرسمية، يتحدث الأهالي عن محاولات لتحييد اللواء عن المعركة الأخيرة التي أطاحت بالنظام، مقابل ضمانات بعدم الملاحقة وتسهيلات أمنية محدودة لعناصره. يثير ذلك تساؤلات حول مستقبل هذا التشكيل المسلح الذي لا يزال يتمتع بنفوذ محلي وعلاقات قوية مع دوائر إيرانية نافذة.
خلفية النشأة والامتداد
تفيد مصادر أهلية من حلب بأن تأسيس لواء الباقر يعود إلى عام 2012، حيث بدأ من الأكاديمية العسكرية بحلب على يد شخصية تُدعى الحاج حمزة، وهو عنصر سابق في حزب الله اللبناني، بالاتفاق مع عدد من عناصر عشيرة البكارة التي يقودها خالد المرعي. تطورت علاقاته بسرعة مع الحرس الثوري الإيراني، الذي أشرف على تدريب أوائل عناصر اللواء داخل معامل الدفاع بحلب. انطلقت النواة الأولى بنحو 200 عنصر، ثم توسع التنظيم مستقطبًا عناصر من عشيرة البكّارة المنتشرة في أحياء المرجة، السكري، والصاخور. مع مرور الوقت، تجاوز عدد المنتسبين 5000 عنصر، شاركوا في معارك بمحافظات دير الزور، تدمر، وريف حماة الشرقي، وكانوا يتقاضون رواتب تتراوح بين 100 و150 دولارًا. اعتمد اللواء في انتشاره على القرى الجنوبية لحلب، وعلى رأسها تركان، حيث أنشأ مقرًا في مدرسة محلية، ثم نقل مضافته إلى حي المرجة، وافتتح مركزًا في حي الأشرفية.
سياسات السيطرة والتمدد
تؤكد شهادات سكان محليين أن لواء الباقر اعتمد سياسة “الترغيب والترهيب” في تجنيد الشباب، مقدمًا امتيازات مالية ومعيشية تفوق ما يحصل عليه عناصر الجيش النظامي. كما تورّط اللواء في الاستيلاء على أراضٍ زراعية وممتلكات خاصة في عدة قرى جنوب حلب، من بينها تل ساب، خانات عسان، رسم عسان، الصفيرة، صقلاية، والذهبية، حيث بدأت عناصره بتأجير المنازل والمحال لصالحهم الشخصي. وقد فرض اللواء على المدنيين دفع ما يقارب 5 ملايين ليرة سورية مقابل تسوية أوضاع أمنية والحصول على بطاقة تحميهم من الاعتقال من قبل الأفرع الأخرى، وفق ما أكده وجهاء محليون في المنطقة.
خلافات داخلية وتصفية دموية
أدت الخلافات داخل قيادة اللواء إلى تصفيات داخلية، أبرزها مقتل طارق الحمزة، شقيق الحاج حمزة، بعد خلاف على ملف تهريب. وفي حادث صادم عام 2013، قام خالد المرعي، أحد قادة اللواء، بصفع محافظ حلب السابق محمد وحيد عقاد خلال زيارة إلى قرية تُركان، وأمر عناصره بالبصق عليه أمام الأهالي. كما تورّط عناصر من اللواء في اشتباك مع مجموعة من آل الأسد في منطقة البلورة على خلفية تهريب دخان، انتهى بمقتل أربعة أفراد من عائلة الأسد، ما أحدث شرخًا في العلاقة مع بعض أجنحة النظام. رغم ذلك، لا تزال عناصر اللواء تحتفظ بسلاحها وبنقاط نفوذ داخل حلب وريفها، في ظل غياب أي إعلان رسمي عن تفكيك البنية المسلحة، ما دفع مصادر محلية إلى وصف عناصر اللواء اليوم بـ“قنبلة موقوتة” قد تنفجر في أي لحظة إذا لم تُحسم التفاهمات السياسية والعسكرية المتعلقة بمستقبلهم.
غموض يلف المرحلة القادمة
حتى الآن، لم تتضح طبيعة التفاهمات التي جرت مع اللواء، وما إذا كانت تشمل القيادات العليا أم تُركّز فقط على العناصر الدنيا. كما لم تُعرف شروط إعادة دمجهم، أو ما إذا كانت إيران لا تزال حاضرة في كواليس هذه التفاهمات. في ظل هذا الغموض، تتزايد المخاوف من أن لواء الباقر قد يتحوّل إلى ميليشيا عصيّة على السيطرة، أو يتم استخدامه كورقة ضغط في معادلات ما بعد الأسد، وهو ما يجعل مستقبل حلب ومحيطها رهينةً لقرار لم يُحسم بعد، أو يحتاج لتوضيح معلن من قبل الإدارة السورية الجديدة. منصة سوريا 24 ترفق مع التحقيق صور ما تبقى من نفوذ ميلشيا لواء الباقر في حي المرجة، والتي تقتصر على بعض العبارات الممجدة لإيران والأسد في عدد من مقراته المهجورة في الحي.