الجمعة, 8 أغسطس 2025 02:13 AM

اتفاق العاشر من آذار بين قسد والحكومة السورية: ما هي العقبات التي تواجه تنفيذه؟

اتفاق العاشر من آذار بين قسد والحكومة السورية: ما هي العقبات التي تواجه تنفيذه؟

يمثل اتفاق العاشر من آذار 2025، الذي تم توقيعه بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خطوة مهمة نحو تحقيق الوحدة السياسية والعسكرية في سوريا بعد سنوات من النزاع. يهدف الاتفاق إلى دمج قوات قسد في إطار الدولة السورية، مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها. ومع ذلك، يواجه هذا الاتفاق تحديات كبيرة تعيق تنفيذه، والتي تتضمن اختلافات في وجهات النظر بين الأطراف المعنية، بالإضافة إلى التدخلات الخارجية والمصالح الإقليمية المتضاربة.

خلفية الاتفاق

بعد سقوط نظام الأسد، بدأت الحكومة السورية الجديدة، بدعم دولي، جهودًا لتوحيد البلاد. وفي مارس 2025، وقّع مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع اتفاقًا لدمج قسد في مؤسسات الدولة، مع إنشاء لجان لمتابعة التنفيذ. لكن الاتفاق واجه عقبات نتيجة للخلافات حول تفسير بنوده.

معوقات تنفيذ اتفاق العاشر من آذار

هناك عدة عوائق تعرقل تنفيذ الاتفاق، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية بناءً على التصريحات والتحليلات الواردة:

  • عدم مركزية القرار لدى قسد وتأثير حزب العمال الكردستاني (PKK): تخضع قرارات قسد لتأثير خارجي من حزب العمال الكردستاني، مما يعيق التوصل إلى اتفاق نهائي.
  • المماطلة في التنفيذ: هناك اتهامات لقسد بالمماطلة في تنفيذ بنود الاتفاق، مما يؤخر عمل اللجان المشتركة.
  • السيطرة على الموارد الاقتصادية في شمال شرق سوريا.
  • الاتهامات بالاستيلاء: اتهمت الحكومة السورية قسد بالاستيلاء على موارد دير الزور وفرض واقع اجتماعي وثقافي.
  • إدارة السجون ومخيمات عناصر تنظيم داعش.
  • الإصرار على الفدرالية والإدارة الذاتية.
  • الخلاف حول الاندماج العسكري: تطالب الحكومة بدمج أفراد قسد بشكل فردي مع تسليم الأسلحة، بينما يطالب مظلوم عبدي باندماج قسد ككتلة عسكرية موحدة تحت قيادته، وهو ما ترفضه دمشق.

صعوبات كبيرة في التنفيذ

أشار بدر ملا رشيد، الباحث في مركز رامان، إلى وجود تفاهمات أولية بين الحكومة وقسد خلال انهيار النظام السابق، حيث تجنبت الأطراف المواجهة وأظهرت مرونة ميدانية. ورغم توقيع اتفاق “العاشر من آذار”، ما تزال هناك خلافات حول اندماج قسد في الجيش السوري؛ إذ ترفض دمشق أي كيانات عسكرية مستقلة وتصر على تسليم السلاح، بينما تطالب قسد بالانضمام ككتلة موحدة وضمان حقوقها في الدستور الجديد.

ثلاثة مسارات من وجهة نظر قسد

وأشار ملا رشيد إلى أن قسد ترى أن الانضمام يجب أن يتم على شكل كتلة عسكرية موحدة، ضمن رؤية مرحلية تأخذ بعين الاعتبار تطورات ثلاثة مسارات رئيسية: مسار العملية السياسية السورية العامة، مستقبل مؤسسات الإدارة الذاتية، المدنية والأمنية، وتقديم رؤية واضحة وملزمة من جانب دمشق لحقوق الشعب الكردي في سوريا. واعتبر أنه رغم التصريحات الإيجابية الصادرة من مظلوم عبدي تجاه دمشق، فإن أغلب القوى الكردية والمسيحية في شرق الفرات تتخذ موقفًا حذرًا، بسبب ما تعتبره سلوكًا سلطويًا من جانب الحكومة السورية. ويتمثل هذا السلوك في محاولات لإعادة بناء نظام مركزي شمولي، قائم على إقصاء القوى غير الموالية، والانغلاق داخل دائرة ضيقة من المقربين، دون تقديم ضمانات حقيقية تتعلق بحقوق الأقليات، وعلى رأسها الكُرد. وقد زاد هذا التوجس مع الإعلان الدستوري الأخير، الذي تجاهل مسألة اللامركزية، مما دفع قسد وقوى شرق الفرات إلى التشبث بمطالب واضحة تتضمن إعادة صياغة البيان الدستوري المؤقت، بما يضمن الاعتراف بحقوقهم، وتكريس مبدأ اللامركزية في الحكم، حسب بدر ملا رشيد.

عوامل اقتصادية وسياسية

من جهته، يرى المحلل السياسي حمزة المحاميد أن قرار قسد لا يزال مرتبطًا بحزب العمال الكردستاني، ويخضع لضغوط خارجية تمنع الحل النهائي. كما ترفض قسد تسليم الموارد الاقتصادية والسجون والمخيمات، وتصر على الفدرالية والإدارة الذاتية، وهو ما ترفضه دمشق. بدأ موقف قسد يتغير مؤخرًا نتيجة ضغوط دولية وإقليمية، وسط دعم دولي لوحدة سوريا. ورأى المحاميد أن من أبرز معوقات تنفيذ الاتفاق هي:

  • عدم مركزية القرار وأنه ليس بقرار سوري وإنما يخضع قرار قسد لقنديل، أي أن القرار هو لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يرفض حل القوات ويسعى لإقامة إقليم باسم روج آفا.
  • تعتبر شمال شرق سوريا هي سوريا المفيدة بما تمتلكه من نفط وغاز وثروة زراعية وحيوانية كبيرة، تسعى قسد للاحتفاظ بها وعدم تسليمها للحكومة لدعم قواتها والسعي لإقامة إقليمها المزعوم.
  • السجون والمخيمات التي تضم عناصر التنظيم وعوائلهم تعتبرها قسد ورقة قوية لهم أمام المجتمع الدولي تثبت قدرتهم على محاربة الإرهاب وحماية المنطقة، لذلك تعارض تسليم هذا الملف للحكومة.
  • تصر قسد على فدرالية المنطقة وأن تبقى الإدارة الذاتية هي من تدير مؤسسات المنطقة وهي من تعين موظفيها وتضع خطط العمل فيها. كل هذه المعوقات أدت إلى تأخر في عمل اللجان، فالحكومة في دمشق ترفض كل ذلك وتعتبر شمال شرق سوريا جزء من أراضي الجمهورية العربية السورية لا يمكن أن تحكم إلا من دمشق وتنطبق عليها جميع القوانين السورية. فيما يخص القوات العسكرية، فإن تعداد قوات قسد يصل إلى 100 ألف مقاتل موزعين بين قوات جيش وأمن وشرطة. وطلب قائد تلك القوات مظلوم عبدي بأن تكون كتلة واحدة/فيلق ضمن الجيش العربي السوري ويكون هو قائد تلك القوات تنتشر فقط في شمال شرق سوريا، وهذا ما ترفضه الحكومة.

ليونة في موقف قسد

ولفت إلى أن هذه المعوقات بدأت تتلاشى في الوقت الراهن وبدأت قسد تبدي ليونة واضحة في التعامل بتلك الملفات، وذلك بسبب الضغوط التركية الأمريكية على قسد والتي وإصرار الحكومة في دمشق على مواقفها مع التعهد بضمانات تمنح المكون الكردي حقوقه المشروعة كالحقوق الوظيفية في مؤسسات الدولة والثقافية في مناطقهم. كما أنه يوجد توجه عالمي داعم لوحدة سوريا وأراضيها، أضعف موقف قسد التي بدأت تدرك أنه لا سبيل لها إلا دمشق لإغلاق ملف إذا ما انفجر فإنه سيكون دامي للمنطقة بأكملها.

التدخلات الدولية والإقليمية

وفي السياق، تدعم الولايات المتحدة وفرنسا وحدة سوريا، مع تحذير المبعوث الأمريكي توماس باراك من أن فشل قسد في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى “خيارات بديلة”. ووسط كل ذلك، يواجه اتفاق العاشر من آذار تحديات كبيرة تتمثل في عدم مركزية قرار قسد، السيطرة على الموارد، إدارة السجون، والإصرار على الفدرالية ولا مركزية مؤسسات الدولة.

مشاركة المقال: