أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الأربعاء، بتعليق العمل رسمياً باتفاق عام 2013 الذي كان يسمح بإعفاء حاملي الجوازات الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من الحصول على التأشيرة، وذلك في ظل تبني باريس لنهج "أكثر صرامة" في التعامل مع الجزائر.
جاء ذلك وفقاً لرسالة بعث بها مسؤول من قصر الإليزيه إلى رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، ونقلتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ذات التوجهات اليمينية. وادعى ماكرون أن "السلطات الجزائرية تجاهلت بشكل متعمد دعواتنا المتكررة خلال الأشهر الماضية للعمل معاً بما يخدم مصالح البلدين"، وفقاً للرسالة.
وأضاف ماكرون أنه "لم يعد أمامنا خيار سوى اعتماد نهج أكثر صرامة ووضوحاً مع الجزائر"، على حد تعبيره. وتحدث ماكرون في رسالته عما قال إنها صعوبات تواجهها باريس في التعامل مع الجزائر فيما يخص ملفي الهجرة والأمن.
وطلب من وزير خارجيته جان-نويل بارو إخطار السلطات الجزائرية رسمياً بتعليق اتفاق 2013 الذي كان يسمح بالإعفاء من التأشيرات المخصصة لحاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة. كما دعا ماكرون إلى تفعيل بنود قانون الهجرة الجديد لرفض منح تأشيرات قصيرة المدى للمسؤولين الجزائريين.
وأشار إلى ضرورة حماية ما وصفها بـ"المصالح الفرنسية"، و"العمل بحزم في مواجهة غياب التجاوب من الطرف الجزائري"، وفق تعبيره. ورغم هذا التصعيد، شدد الرئيس الفرنسي على أن هدفه النهائي هو إعادة بناء علاقة "فعالة وطموحة" مع الجزائر، وفق ما جاء في نص الرسالة.
ورغم تبني ماكرون نهجاً أكثر صرامة تجاه الجزائر، إلا أنه لم يذهب إلى أقصى درجات التصعيد، إذ استثنى في رسالته مسألة اتفاقية عام 1968، التي تمنح امتيازات قانونية لمواطني الجزائر في فرنسا.
وفي 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن اتفاقية 1968، أنه "تم مراجعتها كل 10 سنوات، حتى أفرغت من محتواها، وتستعمل اليوم كفزاعة من طرف أقلية (يمينية متطرفة)".
وكتب ماكرون أن "فرنسا يجب أن تكون قوية وتفرض احترامها، لكنها لا يمكن أن تطلب ذلك من شركائها إن لم تكن تحترمهم بدورها". وعلى الصعيد الأمني، شدد على ضرورة التصدي لمن وصفه بـ"الجزائريين الخطرين"، ممن أُفرج عنهم من السجون أو وضعوا في مراكز احتجاز إدارية ولا يمكن ترحيلهم حالياً.
ورغم هذا التصعيد، أكد أن هدفه يبقى استعادة علاقات "فعالة وطموحة" مع الجزائر، مشيراً إلى أنه "تحرك دوماً انطلاقاً من بوصلة واحدة، هي حماية أمن الفرنسيين". وفي مقابل ذلك، أقر ماكرون بوجود ملفات عالقة تعرقل هذا المسار، من أبرزها قضايا الذاكرة، وملف التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، إلى جانب ما وصفه بـ"القيود المفروضة على عمل السفارة الفرنسية في الجزائر"، والتي تسببت، وفقه، في تراجع عدد التأشيرات الممنوحة (للجزائريين) بنسبة 30 بالمئة".
وادعى أن الإجراءات التي أُعلن عنها لا تستهدف الشعب الجزائري. وأكد ماكرون على أن "جزءاً واسعاً من الفرنسيين يرتبط بعلاقات شخصية وعائلية مع الجزائر لا يجب أن تتأثر بهذه الخلافات". وأعرب عن أمله في أن تشكل هذه التطورات "دعوة للمسؤولية" لمن يمتلكون قرار استئناف العلاقات بين البلدين.
ولم يصدر على الفور تعليق من السلطات الجزائرية على البيان الفرنسي. ويمثل هذا التطور تصعيداً جديداً في أخطر أزمة يواجهها البلدان منذ استقلال الجزائر في 1962، وصلت حد سحب السفراء. وخفضت كل من الجزائر وباريس تمثيلها الدبلوماسي لدى بعضهما البعض لمستوى القائم بالأعمال، إثر تدهور العلاقات بينهما منذ 30 يوليو/تموز 2024 إثر اعتراف الحكومة الفرنسية بالطرح المغربي لتسوية النزاع في إقليم الصحراء.
وتأزمت العلاقات أكثر عقب توقيف الكاتب الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية بوعلام صنصال، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وإدانته لاحقاً بالسجن 5 سنوات، إضافة إلى ملفات تتعلق بالهجرة. ومنذ العام الماضي سحبت الجزائر سفيرها من باريس وخفضت تمثيلها إلى القائم بالأعمال، وبالمقابل استدعت فرنسا سفيرها من الجزائر واقتصر التمثيل أيضاً على القائم بالأعمال.
الأناضول