الثلاثاء, 5 أغسطس 2025 04:04 PM

خطة أمريكية سعودية لنزع الشرعية عن المقاومة في لبنان: هل تهدف إلى إشعال فتنة داخلية؟

خطة أمريكية سعودية لنزع الشرعية عن المقاومة في لبنان: هل تهدف إلى إشعال فتنة داخلية؟

ليس هناك من هو ساذج في الأوساط الرسمية والدبلوماسية اللبنانية ليعتقد أن قراراً من مجلس الوزراء قادر على إنهاء مسيرة المقاومة. ولا يملك أحد القدرة على تحمل مسؤولية بهذا الحجم، فضلاً عن القدرة على تحقيق هذا الهدف. هذه الحقيقة معروفة لدى أصحاب الوصاية الخارجية، في الإدارة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، وإسرائيل.

السؤال موجه إلى من يمثلون قسماً وازناً من الجمهور، الذين يدركون أن أي موقف سيتخذونه اليوم سيرتد على قواعدهم الشعبية، المبنية على أسس سياسية وطائفية ومذهبية ومناطقية، والتي ستدفع ثمن قرارات ممثليها.

يتصرف جوزيف عون ونواف سلام على أساس أن المهلة الممنوحة لهما خارجياً قد انتهت، بينما يواجه نبيه بري تحدياً حول من يحفظ الدور الشيعي.

يجب أن يتأمل كل من يظن أن الخضوع للوصاية الخارجية يعفيه من المساءلة أو يمنحه حصانة دائمة. ويكفي النظر إلى طريقة إدارة الولايات المتحدة والسعودية لملفات دول وشعوب كالأردن، والسلطة الفلسطينية، وسوريا الجديدة!.

طريقة تعاطي رئيسي الجمهورية والحكومة مع ملف السلاح تشير إلى أن فترة السماح التي منحتها أطراف الوصاية قد انتهت، وأنهم أمام اختبار أخير. أما نبيه بري، فيُطرح السؤال حول آليته في التعامل مع أطراف الوصاية الخارجية وشركائه في الحكم.

يتصرف بري باعتباره الممثل الأول للشيعة في لبنان، والمؤتمن على مصيرهم ودورهم وحضورهم في سلطة ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا. السؤال هنا عما تحقق نتيجة سياسة بدت مرنة في التعامل مع ممثلي الوصاية وأطرافها.

يدرك بري أن ما تقوم به السعودية، قبل الولايات المتحدة، يهدف إلى «تحجيم الحضور الشيعي» في مفاصل الدولة والحقول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية. ويعرف أن هدف نزع سلاح المقاومة لا يقتصر على البُعد الإسرائيلي، بل يتعداه إلى ما يطمح إليه أطراف الوصاية وجماعتهم في لبنان، ممن يرون في هذا السلاح عائقاً.

تترتب على بري مسؤولية تتجاوز مسؤولية قيادة حزب الله، الذي حسم خياره بأن سلاح المقاومة ليس مطروحاً للنقاش أو التفاوض. لكن لماذا يصرون على المضي في هذا الفعل المشين؟

صحيح أن قرار مجلس الوزراء بشأن نزع السلاح لن يكون قابلاً للتنفيذ، لكنه مدخل لمسار طويل. الحكومة الحالية تحاول التصرف باعتبارها تمثل مركز الشرعية والدستور، وبالتالي فإن قرارها بنزع سلاح المقاومة هو إعلان بنزع الشرعية الوطنية عن هذا السلاح، وتحويل المقاومة إلى مجموعة خارجة عن القانون.

هذا القرار هو فاتحة لإجراءات تصعيدية متدرجة، تبدأ بنزع الصفة الرسمية أو القانونية عن أي مؤسسة يُعتقد أنها تصب في مصلحة المقاومة. وغداً سنسمع من يطالب بإلغاء ترخيص «جمعية القرض الحسن»، أو إقفال «مؤسسة الشهيد». وسيتقدّم من يعتبر أن المدارس والجامعات التي تتلقّى تمويلاً من «جهة مارقة» يجب أن تُغلق.

برامج الحصار المالي المفروضة على بيئة المقاومة ستأخذ منحى مختلفاً، عندما يبدأ وزراء ومسؤولون بالمطالبة بمصادرة كل قرش يُشتبه بأنه يصب في مصلحة المقاومة. إن من يسهّل مرور قرار مجلس الوزراء بشأن نزع سلاح المقاومة، يفتح الباب أمام برنامج متكامل لتجريم من ذكر أسماء مقاومين استشهدوا، وسيكون لبنان مركزاً لنبذ فكرة المقاومة ضد الاحتلال.

قرار يعتبر سلاح المقاومة مخالفاً للدستور سيسمح للأميركيين والسعوديين بفرض الحرم على كل من يتعاون أو يتحاور أو يتحالف مع حزب الله. وهو سقف سياسي يراد منه محاصرة المقاومة عشية الانتخابات النيابية المقبلة. ومن خضع وقبل بهذا النوع من التمثيل السياسي في حكومة نواف سلام، قد يجد نفسه أمام لائحة يختارها فضلو خوري للمرشحين عنه إلى المجلس النيابي.

المقاومون أنفسهم ليسوا في موقع الذعر جراء ما ينوي أزلام الوصاية القيام به. وحتى جمهور المقاومة ليس في وارد الاستجابة للمشروع الأميركي – السعودي – الإسرائيلي بخلق فتنة تتحوّل إلى حروب أهلية. تحدّيات وقف العدوان الإسرائيلي، وتحرير الأسرى اللبنانيين، والضغط على هذه الدولة – المسخ لإطلاق عملية الإعمار، كلها أمور تدفع المقاومة إلى مراجعة سياسة الانفتاح والتعاون.

عن: ابراهيم الأمين - أخبار سوريا الوطن

مشاركة المقال: