جددت منظمة "العفو الدولية" مطالبتها للحكومة السورية بالتحرك الفوري لوقف العنف القائم على النوع الاجتماعي، وإجراء تحقيق شامل في حالات الاختفاء والاختطاف التي طالت نساء وفتيات من الطائفة "العلوية" منذ شباط 2025. وحذرت المنظمة من فشل السلطات في اتخاذ خطوات ملموسة للكشف عن مصيرهن.
في بيان صدر عنها اليوم الاثنين 28 من تموز، كشفت المنظمة عن تلقيها تقارير موثوقة تفيد باختطاف ما لا يقل عن 36 امرأة وفتاة علوية، تتراوح أعمارهن بين ثلاث وأربعين عامًا، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة على يد مجهولين. ووثقت المنظمة اختطاف خمس نساء وثلاث فتيات دون سن الثامنة عشرة في وضح النهار.
أشارت المنظمة إلى أنه باستثناء حالة واحدة، لم يجرِ مسؤولو الشرطة والأمن تحقيقات فعالة في مصير النساء والفتيات وأماكن وجودهن. وفي ثماني حالات وثقتها المنظمة، أبلغت العائلات الشرطة أو الأجهزة الأمنية عن اختطاف قريباتهن الإناث، إلا أن الأدلة الجديدة التي قدمتها العائلات قوبلت بالرفض أو التجاهل في أربع حالات، كما لم تتلق العائلات أي تحديثات حول سير التحقيقات. وفي حالتين، ألقت الشرطة وضباط الأمن باللوم على عائلة المرأة أو الفتاة في عملية الاختطاف.
ودعت الأمينة العامة لمنظمة "العفو الدولية"، أغنيس كالامار، السلطات السورية إلى التحرك بسرعة وشفافية لتحديد أماكن النساء والفتيات المفقودات، وتقديم الجناة إلى العدالة، وتزويد الأسر المتضررة بالمعلومات والدعم في الوقت المناسب، مع مراعاة الفوارق بين الجنسين والمصداقية.
وكانت منظمة "العفو الدولية" قد أثارت قضية اختطاف النساء والفتيات "العلويات" في أيار الماضي، خلال اجتماع مع وزير الداخلية في دمشق، ونقلت المنظمة عن الوزير قوله إنه "أمر السلطات المعنية بالتحقيق". كما عاودت مراسلته في 13 من تموز، للمطالبة بمعلومات حول التدابير التي اتخذتها السلطات لضمان حماية النساء والفتيات، وحالة التحقيقات، والخطوات المتخذة حتى الآن لمحاسبة الجناة، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد حتى وقت النشر.
وفي 22 من تموز، نفى رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق بأحداث الساحل، القاضي جمعة العنزي، خلال مؤتمر صحفي حضرته عنب بلدي، حالات خطف لفتيات من الساحل السوري، على خلفية الانتهاكات التي شهدها الساحل في آذار الماضي. وقال العنزي إن اللجنة استمعت إلى 948 إفادة وإحاطة من عشرات المسؤولين، واجتمعت مع مئات ضحايا الانتهاكات، ولم تتلقَ أي بلاغ عن حالة خطف لفتيات "لا شفهي ولا كتابي".
وفي تقرير نشرته "رويترز" في نهاية حزيران الماضي، قالت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، إنها تحقق في ما يقال إنها حالات اختفاء واختطاف لعلويات بعد تزايد التقارير الواردة هذا العام. وقال متحدث باسم اللجنة، التي تشكلت عام 2011 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، إنها سترفع تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فور انتهاء التحقيقات. وقال رئيس اللجنة، باولو سيرجيو بينيرو، في عرض أمام مجلس حقوق الإنسان، إن اللجنة وثقت اختطاف ست نساء علويات على الأقل في ربيع هذا العام على يد مجهولين في عدة محافظات سورية. وأضاف أن مكان اثنتين على الأقل من هؤلاء النساء لا يزال مجهولًا، مضيفًا أن اللجنة تلقت تقارير موثوقة عن المزيد من عمليات الخطف.
أجرت المنظمة مقابلات مع أقارب ثماني نساء وفتيات اختطفن بين شباط وحزيران 2025، كما تلقت تقارير عن 28 حالة اختطاف إضافية لناشطتين وصحفيتين، واللوبي النسوي السوري (منظمة حقوقية مستقلة). من بين هؤلاء، أُطلق سراح 14 امرأة وفتاة، ولا يزال مصير ومكان وجود البقية مجهولين.
وأوضح البيان أن المنظمة تحققت من هذه الحالات من خلال مصادر أخرى، بما في ذلك المحادثات الهاتفية والرسائل الصوتية ولقطات الشاشة للمحادثات النصية بين الخاطفين أو النساء والفتيات والأسر، وشهادات الفيديو التي نشرها أفراد الأسر على الإنترنت، والتي تضمنت مناشدات مباشرة من الأسر إلى الجمهور للمساعدة أو للسلطات للتحرك، والمطالب أو التهديدات التي أرسلها الخاطفون إلى الأسر.
وقال العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إن النساء والفتيات، وخاصة من المجتمع العلوي، ولكن أيضًا غيرهن ممن يعشن في المحافظات المتضررة، أصبحن الآن خائفات أو حذرات للغاية عند مغادرة منازلهن لحضور المدرسة أو الجامعة أو العمل. وقالت ناشطة زارت مؤخرًا منطقة الساحل السوري: "جميع النساء في حالة تأهب قصوى. لا نستطيع ركوب سيارة أجرة بمفردنا، أو المشي بمفردنا، أو القيام بأي شيء دون الشعور بالخوف. مع أنني لست علوية، ورغم تشكك عائلتي في البداية بشأن عمليات الاختطاف، إلا أنهم طلبوا مني ألا أذهب إلى أي مكان بمفردي، وأن أكون أكثر حذرًا".
وحملت الأمينة العامة لمنظمة "العفو الدولية"، أغنيس كالامار، السلطات السورية مسؤولية قانونية وأخلاقية لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي ومعاقبة مرتكبيه. وأكدت أن "جميع النساء في سوريا يستحققن العيش بحرية دون خوف من الإساءة والتمييز والاضطهاد. وشددت على أن التحقيقات يجب أن تكون سريعة وشاملة، بقيادة محققين مستقلين يتمتعون بإمكانية الوصول الكامل إلى الموارد اللازمة، كما يجب السعي إلى المساءلة وتقديم التعويضات، منوهةً إلى أن عدم القيام بذلك يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان.