أثار إعلان محافظة حلب في 2 تموز الحالي عن مشروع "شهباء من جديد"، الذي يتضمن إعادة تأهيل قلعة حلب بتمويل وتنفيذ شركة "الحسن الدولية"، تساؤلات حول آلية اختيار الشركة والمعايير المعتمدة. لم يتم الإعلان عن شروط أو معايير دقيقة تحدد طبيعة العمل، مدة التنفيذ، أو تفاصيل التمويل، كما لم تنشر معلومات عن مناقصات أو عروض تنافسية. كذلك، لم يتضح ما إذا كان المشروع استثمارًا سياحيًا طويل الأمد أم مبادرة خدمية.
فتح الإعلان عن المشروع باب التساؤلات حول طبيعته، خاصةً مع الحديث عن "تأهيل" دون توضيح ما إذا كان يقتصر على تحسينات خدمية وتجميلية أم يندرج ضمن "إعادة الإعمار"، التي تخضع لشروط أكثر دقة. تتركز الأعمال المعلنة على تركيب إنارة جديدة وترميم بعض المرافق، ويبقى السؤال حول المعايير الفنية المتبعة وكيفية الحفاظ على الطابع الأثري والتاريخي للقلعة وشروط السلامة العامة.
جهة داعمة
أوضح معاون محافظ حلب لشؤون الاستثمار، حازم لطفي، أن شركة "الحسن الدولية" دخلت المشروع بصفتها "جهة داعمة"، وتكفلت بتمويل المرحلة الأولى بقيمة 330 ألف دولار. تشمل الأعمال تحسين البنية الخدمية والجمالية لمحيط القلعة بتركيب الإنارة وتأهيل بعض المرافق، دون إعادة إعمار، ومن المقرر استمرار الأعمال لمدة 3 أشهر. يجري التنفيذ تحت إشراف المحافظة، مجلس المدينة، مديرية السياحة، مديرية الثقافة، مديرية المدينة القديمة، ومختصين من مديرية الآثار والمتاحف. لم يتم اختيار الشركة عبر مناقصة، بل بصيغة "داعم" للمشروع، ويشارك فيه كوادر من الجهات الحكومية المعنية مع متابعة فنية من مختصين في مديرية الآثار.
تأهيل لا ترميم
أكد مدير الآثار والمتاحف في حلب، منير القسقاس، أن الأعمال تندرج تحت "التأهيل" وليس "الترميم الأثري"، أي تحسين الخدمات والبنية التحتية للقلعة ومحيطها دون ترميم دقيق للآثار. المشروع جزء من مبادرة "لعيونك يا حلب" لإعادة الألق إلى المدينة وتحسين واقعها الخدمي والمعيشي، ويهدف إلى إعادة الروح للقلعة ومحيطها عبر تحسين الخدمات وتأهيل المرافق الأساسية. تقوم مديرية الآثار بإعداد الدراسات الهندسية وتقديمها للمتعهد والشركة الممولة، مع استمرار النقاش حول التفاصيل لتجميل محيط القلعة، وتأمين الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي وتجهيز أبواب لبعض المباني.
تبرع من الشركة
ذكر المسؤول الإعلامي لحملة "شهباء من جديد"، بدر طالب، أن شركة "الحسن الدولية" مولت المشروع كتبرع كامل، وليست جهة منفذة بموجب مناقصة. تتركز الأعمال على تشغيل القلعة وتجهيزها لاستقبال الزوار، وتشمل تركيب إنارة خارجية وإعادة تأهيل الإنارة الداخلية والخارجية، وصيانة الجامع داخل القلعة، وإعادة تركيب الزجاج المعشّق في قاعة العرش، وتأهيل البنية التحتية للمياه بسبب أضرار ناجمة عن تفجير سابق. تشمل الأعمال أيضًا تنظيف الساحة الخارجية، وإعادة جلي الكراسي وإصلاحها، وصيانة السور، وتركيب أكشاك مسبقة الصنع لتنظيم وضع الباعة، وتركيب كاميرات مراقبة و"باركودات" تعريفية للأماكن الأثرية. تم استبدال 18 شجرة نخيل متضررة، وتتم جميع الأعمال تحت إشراف مديرية الآثار وبتنسيق مع المحافظة وبمساهمة هندسية من كادر مختص. تعرف شركة "الحسن الدولية" نفسها بأنها شركة استثمارية سورية تنشط في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات، وتلتزم بمعايير الجودة والسعي نحو الابتكار.
معايير السلامة
أثارت حادثة وفاة الشابة منى خليل آغا إثر سقوط شجرة نخيل كبيرة عليها تساؤلات عن مدى الالتزام بمعايير السلامة في أثناء أعمال التأهيل والزراعة. تسلط الحادثة الضوء على أهمية التخطيط الدقيق والإشراف المتواصل وتحميل جهتي الإشراف والتنفيذ مسؤولية أكبر بأعمال الصيانة، لكن لم تعلق أي جهة على الحادثة. كما أثارت إحدى مراحل الصيانة تساؤلات بعد ظهور أجزاء من السياج الحجري المحيط بخندق القلعة بلون أبيض لامع، ما دفع البعض للحديث عن طلاء الحجارة الأثرية. أوضحت مديرية الآثار والمتاحف أن السياج المذكور حديث البناء ويعود لفترة ما بعد عام 2000، وأن الأعمال تتعلق بتنظيف وجلي الحجر وطلاء السياج بمواد شفافة لعزل الحجر وحمايته من العوامل الجوية، مؤكدة أن عمليات الصيانة تستهدف الحفاظ على وضع السياج ومنع تدهور حالته.