السويداء: الحزن يخيم على المدينة بعد أيام دامية
تتشارك العائلات الدرزية والبدوية في السويداء الألم والصدمة والخوف من المستقبل، وذلك بعد أيام من العنف الدموي الذي هز المنطقة. تعيش المدينة حالة من الذهول في أعقاب هذه الأحداث المأساوية.
آثار الدماء لا تزال شاهدة في ساحة مستشفى السويداء الوطني. تجلس ديمة سرايا، 41 عاماً، في منزل عائلتها بمدينة السويداء، وخلفها مرآة متشققة تعكس صوراً لأقاربها. الجدران مثقوبة بالرصاص الذي أطلقه مسلحون اقتحموا المنزل في 16 تموز/يوليو، خلال اشتباكات بين مقاتلين دروز وبدو، وقوات الأمن الحكومية.
على الرغم من التاريخ الطويل للاشتباكات بين الدروز والبدو في السويداء، إلا أن أحداث منتصف تموز/يوليو كانت غير مسبوقة. بدأت القصة بسرقة واختطاف بائع خضار درزي على يد بدو محليين، مما أدى إلى عمليات خطف انتقامية ومواجهات مسلحة. تصاعد الأمر بعد أيام مع نشر دمشق لقوات أمنية في محاولة لإعادة فرض النظام.
الفصائل الدرزية المحلية اعتبرت هذا التدخل عدواناً وهاجمت القوات الحكومية. سرعان ما انخرط الجيش والأمن العام في القتال إلى جانب القوات العشائرية. في وقت متأخر من 16 تموز/يوليو، انسحبت قوات الأمن الحكومية من السويداء، وشنت ميليشيات درزية هجمات انتقامية على تجمعات البدو، ونفذت عمليات قتل وحرق ونهب.
أُجبرت العديد من العائلات البدوية على الفرار، بينما حوصر أو احتُجز آخرون كرهائن. استجابت عشائر من درعا ومناطق أخرى وتدفقت إلى السويداء، حيث اندلعت اشتباكات مع القوات الدرزية. اتفاق هش لوقف إطلاق النار ما زال قائماً منذ 19 تموز/يوليو، ومنذ ذلك الحين، تم إجلاء مئات البدو من السويداء ضمن عملية نزوح تقول دمشق أنها “مؤقتة”.
خلال أيام العنف، قُتل أكثر من 810 أشخاص وأُصيب 900 آخرون في مدينة السويداء وريفها، وفقاً لأحدث الأرقام عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان. تُظهر مقاطع فيديو وصور انتهاكات جسيمة بحق كل من المجتمعين الدرزي والبدوي، وغالباً ما كانت موجهة ضد المدنيين.
ديمة سرايا، التي فقدت ثمانية من أفراد عائلتها في عملية إعدام جماعي، تروي تفاصيل مروعة عن اقتحام منزلهم وقتل رجال العائلة. وتصف كيف عاد المسلحون بعد وقت قصير لوحدهم، وكيف هدد أحد المسلحين سرايا بالاغتصاب.
في مستشفى السويداء الوطني، تفوح رائحة الدم والموت. خلال المعارك، تُركت مئات الجثث هنا. لاحقاً، جاء أقارب بعض القتلى للتعرف على ذويهم، بينما نُقلت الجثث غير المعروفة إلى مقبرة جماعية تضم 149 جثة.
في إزرع، تجلس فاتن الهوارين، 17 عاماً، على كرسيها المتحرك في مدرسة تحولت إلى مأوى للنازحين. تروي كيف اقتحمت قوات درزية منزل عائلتها في 17 تموز/يوليو، وكيف قُتلت جدتها المسنة أثناء فرارهم. وتصف كيف أطلق المقاتلون النار عليهم، وكيف نجت هي وحدها بعد أن قُتلت والدتها وأصيبت هي.
الناجون يعانون من صدمة عميقة. لهجاء إبراهيم، 60 عاماً، تروي كيف سارت وحدها من قريتها إلى إزرع بعد أن تخلت عنها عائلتها وجيرانها. وتصف كيف كانت هناك اشتباكات من حولها وطيران حربي فوقها.
إبراهيم ليست الوحيدة التي لا تزال تحاول استيعاب ما حدث. الهوارين أيضاً تواجه صعوبة في التعبير عن مشاعرها.