الأحد, 20 يوليو 2025 09:04 PM

أزمة السكن في سوريا: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة المواطنين في ظل غياب الحلول الحكومية

أزمة السكن في سوريا: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة المواطنين في ظل غياب الحلول الحكومية

تحقيق هلال عون: بعد فترة من الأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادية عقب التغييرات السياسية في سوريا، تصاعدت أزمة السكن بشكل غير متوقع. فعلى الرغم من ارتفاع قيمة الليرة السورية بنسبة ملحوظة، إلا أن أسعار الإيجارات شهدت ارتفاعاً كبيراً في دمشق وريفها وباقي المحافظات، مما أثار تساؤلات حول الأسباب والحلول الممكنة.

في حي المزة بدمشق، ارتفع إيجار الشقة المكونة من غرفتين وصالون من 6 ملايين ليرة سورية شهرياً في تموز 2024 إلى 10 ملايين ليرة في تموز 2025، وقد يصل إلى 12 مليون ليرة مع إضافة الزيادات المتوقعة. وفي مناطق أخرى مثل البرامكة ومساكن برزة وضاحية قدسيا وضاحية حرستا وقرى الشام، شهدت الإيجارات ارتفاعات مماثلة.

هذه الزيادات تمثل صدمة كبيرة للمواطنين، خاصةً الموظفين الحكوميين الذين يتقاضون رواتب لا تتناسب مع هذه الإيجارات. فموظف يتقاضى مليون ليرة شهرياً قد يضطر لدفع أكثر من راتبه السنوي للحصول على مسكن متواضع. أما العاملون في القطاع الخاص، الذين لم تشملهم الزيادات، فيواجهون صعوبة أكبر في تحمل هذه التكاليف.

يزيد من حدة الأزمة اشتراط المؤجرين الدفع المسبق لستة أشهر أو سنة كاملة، بالإضافة إلى شهر تأمين وعمولة للمكتب العقاري، مما يتطلب من المستأجر دفع مبلغ كبير دفعة واحدة. هذا الواقع يحاصر آلاف العائلات ويجعل خيار الاستئجار متاحاً فقط لمن يملكون تحويلات مالية من الخارج أو دخلاً بالدولار.

بالإضافة إلى ذلك، يفرض العديد من المؤجرين على المستأجرين دفع الضرائب المالية المرتبطة بالعقار، وهو ما يخالف القانون ويزيد من الأعباء المالية على المستأجرين. ورغم ذلك، تظل الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع غير المبرر غير واضحة، ويعتقد أنها ترتبط بالمؤجرين وغياب الرقابة الحكومية.

يقول المواطن محمد. ع، وهو موظف حكومي يسكن في ضاحية قدسيا، إنه كان يستأجر شقة بـ 1,8 مليون ليرة في العام الماضي، بينما يطلب صاحب المنزل اليوم 4 ملايين ليرة. وتضيف السيدة ندى، وهي أرملة وأم لثلاثة أطفال، أنها تُجبر على التنقل من حي إلى آخر بحثاً عن منزل أقل تكلفة.

وفي قلب دمشق، يقف أبو محمد، الموظف المتقاعد، عاجزاً أمام إعلان عن شقة إيجارها الشهري عشرة ملايين ليرة سورية. وفي البرامكة، تواجه أم أحمد، الأرملة وأم لأربعة أطفال، صعوبة في تحمل زيادة الإيجار المفاجئة.

ويرى المختصون أن الدولة مطالبة بالتدخل العاجل عبر وضع سقوف للإيجارات وتفعيل الرقابة وتشجيع مشاريع السكن الشعبي. ويقترح الدكتور عبد المعين مفتاح، الخبير والاستشاري في الإدارة والاقتصاد، ضرورة ضبط سوق العقارات ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية متكاملة.

ويقدم الدكتور مفتاح عدداً من الاقتراحات كحلول إسعافية، منها تفعيل الرقابة القانونية وتشجيع الإعمار السريع وتوفير دعم مباشر للأسر الفقيرة وتنظيم مكاتب الوساطة العقارية.

ويختم الدكتور مفتاح بالقول إن ارتفاع الإيجارات السكنية في سوريا هو نتاج عوامل متعددة تتطلب خطة إصلاحية متكاملة تبدأ بضبط السوق قانونياً وتحفيز الاستثمار ودعم المواطنين.

مشاركة المقال: