الخميس, 17 يوليو 2025 12:51 PM

محاضرة في حلب تكشف أسرار صابون الغار: إرث عريق وكنز من التراث اللامادي

محاضرة في حلب تكشف أسرار صابون الغار: إرث عريق وكنز من التراث اللامادي

حلب-سانا: استضافت دائرة التراث اللامادي في مديرية الثقافة بحلب محاضرة سلطت الضوء على صابون الغار الحلبي، الأقدم من نوعه عالمياً، والذي يتميز برائحته العطرية وفوائده الصحية والجمالية. أقيمت المحاضرة في صالة تشرين بحي السبيل، وذلك في إطار جهود استحضار التراث العريق وحماية الحرف التقليدية، مع التركيز على تاريخ وصناعة صابون الغار الحلبي.

حلب: ريادة في صناعة الصابون بحوض المتوسط

استعرض الباحث في التراث الدكتور محمد خواتمي، خلال المحاضرة، الجذور التاريخية للصابون، بدءاً من استخدام الحضارات القديمة كالفراعنة والرومان للرماد والصلصال في التنظيف، وصولاً إلى تطوير صناعته على يد الكيميائيين العرب، مثل عز الدين الجلدكي في القرن الثامن الهجري، الذي عمل على تخفيف تأثير الصودا الكاوية. وأكد خواتمي على ريادة حلب في صناعة الصابون في منطقة حوض المتوسط، وذلك بفضل توفر زيت الزيتون ونبات الشنان (المصدر القلوي)، مشيراً إلى وجود أكثر من 40 مصبنة تاريخية كانت تصدر منتجاتها إلى أنحاء العالم.

أسرار صناعة صابون الغار

تناولت المحاضرة أسرار صناعة صابون الغار، موضحة أن زيت الزيتون، وخاصة زيت “المطراف”، يمثل المكون الأساسي للصابون الحلبي الأصلي، مع التركيز على دور مصبنة الزنابيلي العريقة. وشرح خواتمي مراحل الإنتاج التسع بالتفصيل، بدءاً من الخلط والطبخ (حيث يتحدد جودة الصابون بالتوازن بين الزيت وماءات الصوديوم)، ثم التبريد والتشكيل والتقطيع والتجفيف الشمسي لعدة أشهر، وصولاً إلى الختم. كما تم التأكيد على أهمية نقاوة الزيوت، ومدة الطبخ، وطول فترة التجفيف الطبيعي، وخلو المنتج من الإضافات الكيميائية، ونسبة زيت الغار (الذي تزداد قيمته العلاجية بارتفاع نسبته) كعوامل أساسية في تحديد جودة الصابون.

شهدت الفعالية، بحضور مدير الثقافة أحمد العبسي وعدد من المهتمين بالتراث الحرفي، ورشتي عمل: الأولى قدمها الدكتور خواتمي بالطريقة “الباردة” باستخدام زيت القلي المعاد تدويره، والثانية نفذها أحمد عكش المتخصص في تجارة الصابون بالطريقة “الساخنة” التقليدية باستخدام زيت الزيتون والغار، مما أبرز أهمية مرحلة الطبخ. واختتمت المحاضرة بالتأكيد على أن صابون الغار الحلبي يمثل إرثاً ثقافياً يستوجب دعم الحرفيين الأصليين ومحاربة التقليد، باعتباره رمزاً لهوية حلب العريقة وكنزاً من التراث اللامادي السوري.

مشاركة المقال: