في مدينة هاله نويشتادت الألمانية، تتخذ أنشطة الكشافة التقليدية، مثل إشعال النيران والتخييم وربط العقد، بُعدًا جديدًا بفضل مجموعة "Scout Spirit". هذه المجموعة الفريدة، التي أسسها شباب لاجئون فروا من مناطق النزاع، تسعى جاهدة لتيسير اندماج الأطفال اللاجئين الجدد في المجتمع المحلي.
في مقر المجموعة، تزين الجدران صور لرحلات في الغابات ودروس في ربط العقد وشهادات تقدير. يقف فادي مطوك (24 عامًا)، القادم من دمشق قبل ثماني سنوات، في وسط القاعة، يلف وشاح الكشافة الأحمر الداكن حول عنقه باعتزاز، معلنًا بابتسامة: "الآن أنا مستعد".
يتذكر فادي رحلته إلى ألمانيا، وكيف هرب والده أولاً سيرًا على الأقدام لمدة 40 يومًا، ثم لحقت به العائلة لاحقًا. التحق بمدرسة "كشتانيينآلي" الشاملة، لكنه وجد صعوبة في الانضمام إلى الأندية بسبب اللغة الألمانية، وهو شعور شاركه فيه العديد من أصدقائه اللاجئين.
في عام 2021، قرر هؤلاء الشباب إحداث تغيير. فأسسوا مجموعة "Scout Spirit" بهدف منع الأطفال الجدد من مواجهة نفس التحديات التي واجهوها في الاندماج. وبالاستفادة من خبراتهم السابقة في الكشافة في بلدانهم الأصلية، أنشأوا مجموعة كشفية جديدة تتميز بروح مختلفة: ثنائية اللغة (الألمانية والعربية) وقريبة من حياة الأطفال واحتياجاتهم.
تنظم المجموعة أنشطة ميدانية أسبوعية، وتركز كل شهر على موضوع جديد. موضوع هذا الشهر هو "الخروج إلى الطبيعة"، ويتضمن التنزه وتناول الطعام في الهواء الطلق وجمع النفايات. قبل الانطلاق، يوجه فادي تعليماته للأطفال باللغتين الألمانية والعربية: "كل واحد يختار صديقًا، ونسير معًا صفين صفين، حسنًا؟"
تعبر المجموعة المباني السكنية الكبيرة في الحي وتدخل إلى جزيرة "Peißnitz" الخضراء. يبدأ الأطفال بجمع القمامة قبل حتى أن يفرشوا بطانيات النزهة. بالإضافة إلى أنشطة الكشافة التقليدية، تقدم المجموعة أيضًا دورات في التصوير الفوتوغرافي واستخدام الحاسوب. يوضح فادي: "نحن كشافة عصريون. لا يمكن أن نطلب من الأطفال اليوم أن يتركوا كل شيء في المنزل ولا يستخدموا الهاتف. سيكون ذلك مملًا بالنسبة لهم. نحاول إيجاد توازن بين التقاليد وواقع الجيل الجديد."
معظم أعضاء المجموعة من أصول عربية، لكن "Scout Spirit" ترحب بالجميع من عمر سبع سنوات فما فوق. يشارك حاليًا حوالي 30 طفلًا في الأنشطة، بعضهم مستمر منذ سنوات. يقول محمد (11 عامًا): "أكثر ما أحبه هو أننا نذهب في رحلة كل صيف." ويضيف أحمد (12 عامًا) بابتسامة: "أنا أحب هذا المكان لأن لدي أصدقاء رائعين، ولدينا قائد ممتاز – بل ممتاز جدًا!"، مشيرًا إلى فادي.
في نهاية النشاط، بينما يجمع فادي البطانيات وأكياس القمامة تحت سماء ملبدة بالغيوم، يعلق قائلًا: "نحن نعيش جميعًا على هذا الكوكب، ولهذا علينا أن نتحمل المسؤولية. هذا ما نحاول أن نغرسه في الأطفال."
المسؤولية هي المحور الأساسي الذي تقوم عليه مجموعة "Scout Spirit" – ليس فقط تجاه الطبيعة، بل تجاه المجتمع أيضًا. الهدف أبعد من التسلية أو التنزه، بل بناء جيل يتحمل المسؤولية ويصنع التغيير. يختتم فادي: "نحن نؤمن بأن لدينا طاقة كبيرة. وعلينا أن نستخدم هذه الطاقة من أجل المجتمع."