الأحد, 13 يوليو 2025 02:07 AM

حمية الكيتو وعلاج الأمراض العقلية: هل ينجح النظام الغذائي في استعادة صحة الدماغ؟

حمية الكيتو وعلاج الأمراض العقلية: هل ينجح النظام الغذائي في استعادة صحة الدماغ؟

هل يمكن أن يكون الحل للأمراض العقلية في طبق الطعام؟ سؤال يطرحه كتاب "طاقة العقل" لعالم النفس في جامعة هارفارد الأمريكية، كريستوفر بالمر، الذي يرى أن اضطرابات التمثيل الغذائي في الجسم قد تكون السبب الجذري للأمراض العقلية، وليس فقط اختلال النواقل العصبية في المخ.

يدافع بالمر منذ سنوات عن فكرة أن اتباع حمية غذائية تعتمد على نسبة عالية من الدهون، وكميات معتدلة من البروتينات، مع تقليل الكربوهيدرات، والمعروفة باسم "رجيم الكيتو"، يمكن أن يساعد بعض المرضى على استعادة السيطرة على قواهم العقلية. ويشير بالمر، الذي يعمل في مستشفى ماكلين للأمراض العقلية قرب مدينة بوسطن الأمريكية، في تصريحات لموقع UnDark، إلى أن رجيم الكيتو يستخدم منذ فترة طويلة في علاج حالات الصرع الحادة، وأن الدراسات أثبتت أن هذا النظام الغذائي لا يساعد فقط في السيطرة على نوبات الصرع والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الحاد والفصام، بل يقلل أيضاً من الأعراض الجانبية المصاحبة لتناول الأدوية المضادة للذهان.

دراسة نشرتها الدورية العلمية Research Psychiatry، أجرتها أخصائية طب النفس وأمراض السمنة شيباني سيثي من جامعة ستانفورد الأمريكية، شملت 21 شخصاً بالغاً يعانون من الفصام أو الاضطراب ثنائي الأقطاب، وكانوا يعانون من مشكلات في التمثيل الغذائي ويتناولون أدوية مضادة للذهان. وبعد إخضاعهم لرجيم الكيتو لمدة أربعة أشهر، تحسنت أعراض الذهان لدى ثلاثة أرباع المتطوعين، كما انخفضت أوزانهم وتحسنت عملية التمثيل الغذائي لديهم وتراجعت الأعراض الجانبية لأدوية العلاج النفسي.

وفي تجربة أخرى، قامت طبيبة علم النفس جورجيا إيدي، التي تدربت في جامعة هارفارد، بإخضاع 31 شخصاً بالغاً يعانون من أمراض نفسية حادة لرجيم غذائي متخصص لمدة أسبوعين أو أكثر في مستشفى بفرنسا. وأظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً في الحالة النفسية وعملية التمثيل الغذائي لدى جميع المتطوعين الذين التزموا بالحمية، مع انحسار أعراض المرض النفسي الأساسي لدى 43% من المشاركين، وتخفيض جرعة أدوية العلاج النفسي التي يتلقاها 64% منهم.

وترى إيدي أن العديد من الأطباء يعتبرون الأمراض العقلية الحادة مشكلات راسخة، مما يجعل من الصعب عليهم تصور أن حمية غذائية يمكن أن يكون لها تأثير فعال على تلك الحالات المرضية. بينما يرى أطباء مثل بالمر وإيدي أن رجيم الكيتو يدعم الوظائف الأساسية للمخ ويعزز استقرار البيئة العصبية، مما يجعل الكثير من المرضى يشعرون بالتحسن. في المقابل، ترى سيثي أن رجيم الكيتو يمكنه التقليل من الأعراض المرضية فقط، وتعتبره علاجاً تكميلياً وليس بديلاً.

وخلال التجارب، وجدت إيدي أن درجة تحسن المرضى الذين التزموا برجيم الكيتو كانت أعلى بمعدل يتراوح ما بين سبعة إلى عشرة أمثال مقارنة بالمرضى الذين اقتصروا على تناول أدوية علاج الاكتئاب أو الذهان.

يعود اهتمام طب النفس بالصوم أو الحميات الغذائية كوسيلة للسيطرة على بعض الأمراض إلى الماضي البعيد، حيث لاحظ أبقراط أن مرضى الصرع الذين يصومون تتراجع لديهم النوبات. وفي عام 1921، توصل راسيل وايلدر من مستشفى مايو كلينيك إلى أن حرمان الجسم من الكربوهيدرات قد يأتي بنفس تأثير الصوم على عملية الأيض، ولكن النظام الغذائي الكيتوني يتميز بالاستدامة.

ومنذ اكتشاف وايلدر، أظهرت التجارب العلمية أن رجيم الكيتو يساعد بشكل ملموس في استقرار الجهاز العصبي ويقلل النوبات لدى ثلث مرضى الصرع الذين لا يستجيبون لطرق العلاج التقليدية، بحسب موقع Undark.

ويشير الأطباء إلى أن رجيم الكيتو لا ينصح به لجميع المرضى، فقد يتعرض مرضى التهاب البنكرياس أو من يعانون من مشكلات في التمثيل الغذائي للدهون لمشكلات صحية في حالة الالتزام به. وتؤكد إيدي على أن النظام الغذائي الكيتوني لا يصلح كإجراء قياسي لعلاج جميع الأمراض العقلية، بل لابد أن يضع الأطباء نظاماً يتناسب مع كل حالة مرضية على حدة، وتشير إلى أن بعض المرضى قد يتبعون حميات غذائية نباتية أو نظام الكيتو النباتي، كما أن بعض الدراسات الحديثة شرعت في تطويع علوم الجينوم بغرض ابتكار وجبات غذائية حسب حالة كل مريض، وذلك لتحقيق أفضل النتائج.

د ب أ

مشاركة المقال: