تواجه زراعة القطن في محافظة الحسكة تراجعًا حادًا، حيث يعاني المزارعون من نقص الدعم وارتفاع التكاليف وصعوبة تسويق المحصول. وفي تصريحات خاصة لـ"سوريا 24"، أعرب عدد من المزارعين عن قلقهم من أن هذا الوضع قد يؤدي إلى توقف شبه كامل للزراعة في المنطقة.
غياب الدعم وارتفاع التكاليف
أكد عبد الله الجعابي، من بلدة ذبانة، في حديثه لـ"سوريا 24"، أن زراعة القطن أصبحت عبئًا ثقيلاً على المزارعين خلال السنوات الخمس الماضية، خاصة بعد توقف الإدارة الذاتية عن استلام المحصول. وأضاف: "حتى عند استلامه، فإن التسعيرة غير عادلة وغير مجدية. بالإضافة إلى ذلك، تم منع تصدير القطن إلى الداخل السوري، مما أجبر الكثيرين على بيعه للتجار بخسائر كبيرة للتخلص منه فقط".
وأوضح الجعابي أن تكلفة زراعة عشرة دونم تبلغ حوالي 150 دولارًا للحراثة و250 دولارًا للأسمدة، بينما ارتفع سعر كيلوغرام بذار القطن إلى 50 ألف ليرة سورية، ويتطلب كل عشرة دونم حوالي 25 كيلوغرامًا. وأشار أيضًا إلى ضرورة توفير المبيدات والمازوت بسعر السوق الحرة بسبب غياب التوزيع المدعوم، بالإضافة إلى أجور العمال، مما يجعل الزراعة "خاسرة بكل المقاييس".
خسائر متزايدة
من جانبه، صرح عبد القادر، وهو مزارع من قرية التنورية بريف القامشلي الشرقي، لـ"سوريا 24"، بأن المزارعين يزرعون القطن في ظروف صعبة للغاية، مؤكدًا أن "المازوت المدعوم لا يصل بكميات كافية، وغالبًا ما يتم تسليمه في وقت متأخر، مما يضطر المزارعين إلى شرائه بسعر حر يبلغ 6200 ليرة سورية للتر الواحد".
وأشار عبد القادر إلى الغياب التام للدعم من المؤسسات الزراعية وانعدام أي تواصل أو حوار مع المزارعين. وأضاف: "كنا نزرع القطن لأنه محصول استراتيجي ذو قيمة وكان يتم استلامه منا، أما اليوم فنزرعه ونحن غير متأكدين مما إذا كان أحد سيشتريه أم أن جهدنا سيضيع سدى". وأوضح أن الأسمدة غير متوفرة بشكل دائم، وإذا توفرت، فلا توجد ضمانات لجودتها، مما يجعل الموسم عرضة للخسارة. كما أن ارتفاع أسعار البذار والمستلزمات دون أي تعويضات يجعل القطن "مشروعًا خاسرًا"، مما دفع العديد من المزارعين إلى التوقف عن زراعته.
تراجع المساحات المزروعة
ذكر مراسل "سوريا 24" أن الإدارة الذاتية لم تستلم أي كمية من القطن خلال الموسم الزراعي الماضي، مما أجبر المزارعين على بيع محاصيلهم للتجار بأسعار زهيدة. وأضاف أنه خلال جولة ميدانية على الطريق بين عامودا والقحطانية مروراً بالقامشلي (مسافة تقدر بنحو 45 كم)، لم يتم رصد أكثر من عشرة حقول مزروعة بالقطن، وهو مؤشر خطير على مدى التراجع.
مطالبات بالتدخل العاجل
أكد المزارعون الذين تحدثوا لـ"سوريا 24" أن استمرار هذا الوضع دون تدخل جاد من الجهات المعنية سيؤدي إلى هجر الأراضي الزراعية وانهيار هذا القطاع الحيوي بشكل كامل. وحذروا من أن القطن، الذي شكل لعقود ركيزة اقتصادية في المنطقة، قد يختفي تمامًا من الخريطة الزراعية إذا لم يتم تقديم حلول حقيقية ودعم فعلي يخفف عنهم الأعباء.