تتربع البامية الديرية على عرش موائد دير الزور، وتُعرف بـ "سيدة الموائد" عن جدارة. فهي ليست مجرد طبق تقليدي، بل جزء أصيل من الذاكرة والتراث الغذائي والزراعي لأهالي المنطقة، ورمز فراتي مميز كالجسر المعلق يحمل في طياته نكهة الأصالة، يذكره الرحالة والسياح كأحد أبرز ما يميز المدينة.
مع بدء موسم جنيها، تشهد أسواق دير الزور إقبالاً كبيراً على شراء البامية، ورغم ارتفاع ثمنها الذي يصل إلى 150 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، إلا أن مذاقها الفريد يتغلب على اعتبارات التكلفة، كما أوضحت أمل خوجة في حديث لمراسلة سانا.
تؤكد الجدة سنية السيد أن حب البامية توارثته الأجيال في دير الزور، فلا يكاد يخلو بيت منها، حيث تُزرع وتُطهى وتُقدم على موائدهم باستمرار. وتتميز بتنوع طرق طبخها، ومن أشهرها مع لحم الغنم، حيث توضع على خبز التنور مع السمن العربي.
وتضيف الجدة أن البامية ليست مجرد طعام، بل هي حكاية موسم ولحظات تجمع الأسرة حول طبخة شهية، ولا يتوانى أهل المنطقة عن تحضيرها وتجهيزها كمؤونة للشتاء، إذ تُجفف الثمار أو تُحفظ بأساليب التخزين التقليدية، كلضمها بالخيط أو ضغطها مع البندورة، لضمان احتفاظها بقيمتها الغذائية ومذاقها اللذيذ.
من جانبها، تشير السيدة سامية دهموش إلى أن زراعة هذا النوع من الخضار لا تخلو منها أي أرض في دير الزور، حتى لو بمساحة صغيرة، حيث تبدأ زراعة البامية في شهر نيسان، وتُقطف بعناية بين شهري أيار وحزيران للحفاظ على جودتها ونضارتها.
وتلفت دهموش إلى أن البامية الديرية ليست مجرد طبق غذائي، بل هي رمز للتراث الزراعي والاجتماعي في دير الزور، حيث تجمع بين الجودة الزراعية والذوق المميز، وتعد تقليداً اجتماعياً يحافظ عليه الأهالي عبر الأجيال.
تتميز ثمار البامية الديرية بشكلها المضلع ذي الأضلاع الثمانية، مع ملمس ناعم يكاد يخلو من الخشونة مقارنةً بالأصناف الأخرى. وعند قطع الثمرة عرضياً، تظهر سبع حجرات تحتوي كل منها على بذور واضحة، وتُزرع في أراضي وادي الفرات الخصبة، وخاصةً في تربة الطمي جيدة الصرف، ما يمنحها جودة عالية في الطعم والقوام.