إذا كان التفاؤل بحل المشكلة الكردية في تركيا، بعد قرار "حزب العمال الكردستاني" بحل نفسه وإلقاء السلاح، يعتمد على طبيعة التعامل التركي مع الأكراد على مدى المئة عام الماضية، فإن احتمالات الحل تبدو ضعيفة. والأمر نفسه ينسحب على معالجة المشكلة العلوية، والتي تختصر بإنكار المذهب العلوي وعدم الاعتراف بحقوق أتباعه. علما أن العلويين في تركيا أكثر عدداً من الأكراد (18 مليوناً)، ومنهم التركي والكردي والعربي.
دعوة زعيم "الكردستاني"، عبد الله أوجالان، إلى حل الحزب وترك السلاح، فتحت الباب أمام الاعتراف بالهوية الكردية، لكن ذلك يبقى رهن قرار الدولة والنخبة الدينية القومية. هذا التطور أثار أملاً في حصول تحولات في نظرة الدولة إلى الهوية العلوية، واعتراف بها على كل المستويات الدينية والتعليمية والاجتماعية.
"معاهدة لوزان" لعام 1923، لا تعترف بتقسيمات المجتمع في تركيا إلا على أساس ديني، ما أدى إلى "شطب" مجموعات إثنية مثل الأكراد، ومذهبية مثل العلويين. وتذرعت النخبة التركية الحاكمة بنصوص المعاهدة حتى لا تعطي هؤلاء أي حقوق، ما تسبب بعدم استقرار اجتماعي وسياسي في تركيا.
رئيس البرلمان التركي، نعمان قورتولمش، المحسوب على "العدالة والتنمية"، أكد أن إمكانية إحداث تغيير في نظرة الدولة إلى العلويين ليست واردة، مشيراً إلى "الاتفاق الذي وقعه السلطان سليم ياووز مع إدريس التبليسي في مواجهة الشاه إسماعيل".
أثارت تصريحات قورتولمش ردود فعل غاضبة من الجمعيات والهيئات العلوية، حيث قام السلطان سليم الأول بقتل الآلاف من علويي الأناضول. وبعد وفاته، استمرت المذابح بحقهم.
تجنب العلويون ممارسة عباداتهم علناً إلى أن انهارت السلطنة عام 1918. ومع قيادة مصطفى كمال أتاتورك حركة تحرير، انضم العلويون، كما الأكراد، إلى حركته أملاً في نيل حقوقهم، لكنهم لم ينالوا أيّاً منها.
شكّل العلويون جزءاً مهمّاً من قاعدة "حزب الشعب الجمهوري"، كما شكّلوا مع الأكراد قسماً مهمّاً من قواعد الحركة الكردية المعارضة للسلطة.
تصريحات قورتولمش جاءت رداً على الاستنفار العلوي في تركيا، رفضاً للمذابح التي تعرض لها علويو سوريا. السلطات التركية تحسست إزاء اتساع الحراك العلوي في تركيا، وما يمكن أن يشكله من تصاعد للحساسيات مع السنة.
17 منظمة علوية أساسية اتهمت السلطة بأنها تعمل على مشروع "تركيا بلا علويين"، واصفةً مواقف قورتولمش بأنها "مؤسفة وطائفية وتشوّه التاريخ".
السفير التركي السابق في واشنطن، نامق طان، قال إن "مكانة تركيا العالمية لا تكمن في زعامة إردوغان"، معتبراً تصريحات قورتولمش "مؤسفة وغير مدركة".
الكاتب محمد علي غولر رأى أن إشارة قورتولمش إلى "تحالف" السلطان سليم مع إدريس التبليسي الكردي، "يراد منها إعطاء شرعية للتحالف المحتمل بين أوجالان وإردوغان".