الجمعة, 6 يونيو 2025 06:06 PM

تحذير خطير: الاقتصاد العالمي يواجه تباطؤًا غير مسبوق وتوقعات قاتمة

تحذير خطير: الاقتصاد العالمي يواجه تباطؤًا غير مسبوق وتوقعات قاتمة

في تطور اقتصادي لافت، خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي، محذّرة من أن العالم يواجه تباطؤاً اقتصادياً أعمق وأوسع نطاقاً مما كان متوقعاً قبل بضعة أشهر فقط. ويأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات التجارية، وضعف نمو التجارة العالمية، وتزايد مظاهر الانكماش في الاقتصادات الكبرى.

أرقام مقلقة وتوقعات أكثر حذراً

بحسب تقريرها الصادر مؤخراً، تتوقع المنظمة أن يتراجع نمو الاقتصاد العالمي من 3.3% في عام 2024 إلى 2.9% خلال عامي 2025 و2026. هذه التقديرات تمثل خفضاً ملحوظاً عن توقعاتها السابقة في مارس، التي أشارت إلى نمو قدره 3.1% لعام 2025 و3.0% لعام 2026. هذه الأرقام، وإن بدت طفيفة من حيث الفرق الرقمي، إلا أنها تعكس تحولات جوهرية في ديناميات الاقتصاد العالمي، وتؤكد استمرار حالة التباطؤ التي أعقبت صدمة جائحة كورونا والأزمات الجيوسياسية المتتالية.

الحرب التجارية الأميركية تترك آثارها

أحد أبرز العوامل التي تناولها تقرير OECD هو تصاعد الحرب التجارية التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أدت إلى فرض رسوم جمركية جديدة على كل من الصين والاتحاد الأوروبي. وقد بدأت هذه السياسات الحمائية تنعكس على الاقتصاد الأميركي نفسه، حيث تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى تراجع النمو الأميركي من 2.5% في عام 2023 إلى 1.8% في عام 2024، مع وجود مخاوف من مزيد من التباطؤ إذا استمرت وتيرة التصعيد التجاري.

الخطير في هذه السياسات ليس فقط أثرها المباشر على الاستيراد والتصدير، بل أيضاً تأثيرها الطويل الأجل على الاستثمارات وثقة الأسواق. النهج الحمائي يقلل من اليقين الاستثماري، ويؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية، وهو ما سيؤثر على الشركات الكبرى والصغرى على حد سواء، وخصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على التصدير وسلاسل الإنتاج الدولية كمحركات للنمو.

تراجع التجارة العالمية وتهديد سلاسل الإمداد

وفق بيانات منظمة التجارة العالمية، فإن نمو التجارة العالمية تراجع تراجعاً حاداً إلى أقل من 1.5% في عام 2024، مقارنة بـ2.7% في عام 2023. وهذا يُعد أدنى معدل نمو للتجارة العالمية منذ أزمة كوفيد-19. ويرى مراقبون أن هذا التراجع يعكس أثر تآكل الثقة في نظام التجارة الحرة العالمي، في ظل تصاعد السياسات الانعزالية.

تشير منظمة التعاون الاقتصادي إلى أن تشظي سلاسل الإمداد سيترك أثراً مضاعفاً، ليس فقط على الاقتصادات الكبرى بل على الدول الناشئة أيضاً، التي ستجد نفسها في مواجهة أزمات في الإنتاج والتوظيف والتصدير. ومع تراجع الطلب العالمي، فإن بعض الدول النامية قد تواجه موجات تضخمية مقلقة مع تراجع النمو في آن واحد، وهو ما يُعرف بالركود التضخمي (stagflation).

دعوة إلى سياسات أكثر مرونة وتعاون دولي

أمام هذه المؤشرات المقلقة، دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الحكومات إلى تبني سياسات مالية مرنة تحفّز النشاط الاقتصادي، مع تأكيد ضرورة الامتناع عن تبني سياسات انغلاق تجاري، والعمل بدلاً من ذلك على تنشيط الاستثمارات المستدامة والابتكار كسبيل وحيد لمواجهة تباطؤ النمو.

وشددت المنظمة على أهمية استعادة الثقة في النظام التجاري المتعدد الأطراف، والعودة إلى أجواء التعاون الاقتصادي، بعيداً من السياسات الأحادية التي تضر بمصالح الجميع. فالاقتصاد العالمي بات أكثر ترابطاً وتشابكاً من أي وقت مضى، وأي خلل في هذا التوازن له تبعات تتجاوز حدود الدولة الواحدة.

المخاطر تفوق فرص التعافي

يبدو من الواضح أن الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة أكثر تعقيداً، حيث تتداخل الأزمات الجيوسياسية مع التحديات الاقتصادية، في ظل تصاعد سياسات الانعزال وتراجع أدوات التعاون الدولي. وإذا لم تتخذ الحكومات الكبرى خطوات جدية نحو إعادة بناء الثقة، فقد يشهد العالم موجة جديدة من الركود، تُذكّر بأزمات سابقة ولكنها قد تكون أكثر انتشاراً وعمقاً.

وعليه، فإن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة التفكير في نماذج النمو العالمية، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، والتعليم، والتكنولوجيا، والاقتصاد الأخضر، كمصادر بديلة للنمو المستدام بعيداً من تقلبات السياسة والرسوم الجمركية.

مشاركة المقال: