الخميس, 5 يونيو 2025 12:07 PM

السعودية تخطط لضخ استثمارات ضخمة في سوريا: هل تبدأ مرحلة إعادة الإعمار؟

السعودية تخطط لضخ استثمارات ضخمة في سوريا: هل تبدأ مرحلة إعادة الإعمار؟

تشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وسوريا تحولاً لافتاً، مع مؤشرات متزايدة على عودة التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين بعد سنوات من الجمود. وتأتي هذه الدينامية الجديدة في ظل خطط سعودية لضخ استثمارات ضخمة في السوق السورية، وسط تقديرات تُرجّح أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تصل إلى 700 مليار دولار.

وفي خطوة استراتيجية تُجسّد هذا التوجه، زار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دمشق على رأس وفد اقتصادي رفيع، يضم مسؤولين بارزين في قطاعات التمويل والاستثمار، في زيارة تهدف إلى فتح آفاق جديدة للتعاون ودعم جهود إعادة الإعمار.

السعودية تستعد لاستثمار 100 مليار دولار في سوريا

وبحسب الخبير الاقتصادي أيمن جمعة، فإن المملكة تعتزم ضخ استثمارات قد تصل إلى 100 مليار دولار، مستفيدة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لسوريا وقربها من الأسواق العالمية، إلى جانب وفرة اليد العاملة وانخفاض تكلفتها. وتندرج هذه الخطوة في إطار رؤية ولي العهد محمد بن سلمان لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وربط منطقة الخليج بالبحر المتوسط عبر محور ترانزيت استراتيجي.

فرص واعدة وتنافس محموم في ملف الإعمار

تتجه السعودية لتكون أبرز اللاعبين في ملف إعادة الإعمار، مستفيدة من العلاقات التاريخية والسياسية المتجذرة مع دمشق، في وقت تشير تقديرات أولية إلى إمكانية بلوغ حجم الاستثمارات الإجمالية داخل سوريا نحو 200 مليار دولار. ويُتوقع أن تحظى المملكة بالحصة الأكبر من هذه المشاريع، خصوصاً في ظل مساعيها لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.

في المقابل، يتزايد اهتمام رجال الأعمال السوريين بالولوج إلى السوق السعودية، ما يستدعي تفعيل المنتديات والزيارات الاقتصادية لتعزيز شراكة مستدامة بين القطاعين الخاصين في البلدين.

تبادل تجاري متذبذب… وتحسن نسبي في 2024

رغم التراجع الكبير الذي شهدته العلاقات التجارية بين الرياض ودمشق خلال العقد الأخير—بانخفاض وصل إلى 80% بين عامي 2010 و2020—إلا أن مؤشرات التعافي بدأت بالظهور. فبعدما كانت قيمة التبادل التجاري نحو 1.7 مليار دولار عام 2010، تراجعت إلى 675 مليون دولار في 2020، قبل أن تسجل ارتفاعاً إلى 320 مليون دولار في 2024، مع فائض تجاري لصالح سوريا.

وتنوّعت السلع المتبادلة بين الجانبين، لتشمل منتجات اللدائن، والبن، والشاي، والبهارات، إضافة إلى صادرات زراعية سورية بارزة.

قطاعات حيوية على رادار المستثمرين السعوديين

تُعد المملكة أبرز المستثمرين الخليجيين في سوريا، وتتركز استثماراتها الحالية في قطاعات البناء، والصحة، والصناعات الطبية والكيميائية، والزراعة، والنقل، وفقاً لبيانات هيئة الاستثمار السورية. ورغم المصاعب التي واجهت هذه الاستثمارات بعد عام 2011، تشير مؤشرات السوق الحالية إلى إمكانية استئناف النشاط الاستثماري مع إطلاق مشاريع إعادة الإعمار برؤية اقتصادية جديدة تعزز التكامل الإقليمي.

السعودية كبوابة لعودة دمشق إلى الاقتصاد العربي والدولي

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر أن السعودية قد تلعب دوراً محورياً في إعادة دمج سوريا ضمن المشهد الاقتصادي العربي والدولي، لا سيما في ظل انسحاب الشركات الأجنبية من قطاعي النفط والغاز، وهو ما يفتح المجال أمام المستثمرين السعوديين للعب دور قيادي في هذه القطاعات الحيوية.

ويؤكد اسمندر أن مجمل القطاعات الاقتصادية في سوريا—من الصناعة والزراعة إلى السياحة والنقل—تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، ما يوفر فرصاً كبيرة أمام المستثمرين السعوديين قبل تصاعد المنافسة الإقليمية والدولية.

مشاركة المقال: