الأحد, 25 مايو 2025 11:04 PM

احتيال التأشيرات: سوريون يقعون ضحايا لعمليات نصب مقابل وعود بالسفر إلى الإمارات ومصر

احتيال التأشيرات: سوريون يقعون ضحايا لعمليات نصب مقابل وعود بالسفر إلى الإمارات ومصر

عنب بلدي – كريستينا الشماس لم تتوقف محاولات بعض المواطنين المقيمين داخل سوريا عن سعيهم للحصول على تأشيرات دخول لبعض الدول العربية، كمصر والعراق والإمارات، بعد توقفها منذ بداية عام 2025. هذه المحاولات وضعت العديد من المواطنين محط عمليات مشبوهة تتخللها حالات النصب والاحتيال من قبل مكاتب سياحية تعمل داخل سوريا، بحسب الحالات التي رصدتها عنب بلدي.

ما القصة

منذ قرابة شهر، انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي العديد من المنشورات التي يروج لها من قبل مكاتب سياحية تدّعي توفر تأشيرات لدولة الإمارات، تحت مسمى “تأشيرة خاصة”. تواصلت عنب بلدي مع أحد هذه المكاتب لمعرفة شروط التأشيرة ومدى نسبة القبول بها، وقال أحد العاملين في المكتب، إنها ليست بحاجة لتوفر شروط معقدة كوجود قريب من الدرجة الأولى. وأضاف العامل أن التأشيرة تسمح بالدخول لمدة شهر، ويمكن بعدها أن يتقدم الشخص بالحصول على إقامة في الإمارات. ويطلب المكتب تزويده بصورة شخصية وجواز سفري ساري الصلاحية لستة أشهر، مقابل مبلغ يصل إلى 5000 دولار وضمانة 1000 دولار تكفل عدم تجاوز المتقدم المدة المسموحة للبقاء في الإمارات.

سارة لطفي، تقيم في دمشق وتعمل في مركز تجميل، قالت لعنب بلدي، إنها تقدمت للحصول على تأشيرة خاصة، آملة أن يأتي الرد بالقبول، لكن الرفض جاء بعد 15 يومًا من تقديمها. “دفعت نصف المبلغ، أي ما يقارب 2500 دولار، على أن أكمل المبلغ بعد حصولي على التأشيرة، وعندما تواصلت مع المكتب لاسترداد كامل المبلغ، تم خصم 300 دولار كعمولة للمكتب”، قالت سارة.

وتعرض سامح رزوق، طالب هندسة تصميم ميكانيكي في دمشق، لـ”عملية نصب” مشابهة كما وصفها، فبعد دفعه مليوني ليرة (نحو 200 دولار) لبدء معاملة حصوله على تأشيرة خاصة، فقد التواصل مع الشخص الذي يدّعي أنه لديه مكتبًا سياحيًا. ولم يستطع سامح الوصول إلى الشخص لوجوده في محافظة أخرى، “نصب على عينك يا تاجر، مستغلين حاجة السوريين للحصول على تأشيرات”، قال سامح.

ممارسات تصل للحبس

باسل معلا، مقيم في دولة الإمارات ويعمل في مكتب “رحلتي للسياحة والسفر”، قال لعنب بلدي، إن بعض المكاتب السياحية لجأت لبعض الطرق المشبوهة وغير القانونية في إصدار التأشيرات، كتزوير بيانات عائلية أو عقود زواج تثبت أن لدى المتقدم كفيلًا بقرابة درجة أولى في الإمارات. التأشيرة الخاصة هي من الحيل التي اتبعتها بعض المكاتب للحصول على أرباح طائلة، علمًا أن دولة الإمارات لم تصدر أي قرار بعودة تأشيرات سياحية أو توفر ما يسمى “تأشيرة خاصة”، بحسب باسل.

وحذّر باسل من أن هذه الممارسات كتزوير أوراق ثبوتية تعرض صاحبها والمكتب الوسيط للسجن داخل الإمارات والترحيل والمنع من الدخول مرة أخرى.

رد قانوني

المحامي فادي الرحال، قال لعنب بلدي، إن هناك العديد من القضايا لمواطنين تعرضوا لعمليات نصب واحتيال بطرق مختلفة. فقبل سقوط النظام، احتال أحد المكاتب السياحية في دمشق على عدد كبير من المواطنين وبمبالغ طائلة تصل إلى 100 مليون وأكثر، بينما كان المواطنون يأملون حصولهم على تأشيرات سفر سواء على دول عربية أو أوروبية. وعند مطالبة المكتب باسترداد المبالغ، كان الرد “اذهبوا إلى قسم الشرطة وافعلوا ما تشاؤون”، بحسب الرحال، لتتحول قضية هؤلاء المواطنين إلى القضاء.

وأوضح الرحال أن ملف هذه القضية لا يزال عالقًا إلى الآن، بسبب هروب صاحب المكتب إلى خارج سوريا بعد سقوط النظام، لكن القضاء أخذ إجراءات حيال الشخص بما بعرف بإصدار أحكام غيابية بحقه.

وحذّر المحامي من عمليات تزوير الوثائق والبيانات الثبوتية، التي يجرّمها القانون. في حال كان هناك عقد اتفاق بين الشخص المقدم على تأشيرة والجهة المنفذة، ينص على بند عدم استرداد المبلغ في حال رفض التأشيرة، فهنا لا يستطيع الشخص فعل شيء، بسبب وجود عقد ينص على موافقته بخسارته للمبلغ. أما في حال عدم وجود بند ينص على موافقته، وأخلّت الجهة المنفذة بتنفيذ ما جاء في الاتفاق، فيستطيع الشخص المتضرر تقديم شكوى بحق الجهة لرئيس النيابة العامة لأخذ الإجراءات القانونية بحقها.

وأكد الرحال ضرورة وجود عقد اتفاق رسمي تتوفر به كامل البنود والشروط الجزائية التي تم الاتفاق عليها بين المتقدم والجهة المنفذة، ويجب على الشخص عدم إعطاء الأخيرة أي مبلغ دون حصوله على إيصال مالي يثبت دفعه لمصلحة الجهة المنفذة. وينصح الرحال بعدم التعامل مع جهة مجهولة التبعية أو لا تملك أوراقًا رسمية تثبت قانونية عملها، إضافة إلى ضرورة أخذ المواطن استشارة قانونية في حال التعامل مع أي جهة لضمان حقوقه.

ما التأشيرات المتاحة

أوقفت سلطات إقليم كردستان العراق دخول السوريين إلى أربيل سواء من العازبين أو العائلات في نيسان 2024، حتى إشعار آخر دون توضيح الأسباب. وكذلك الأمر في مصر، التي أصدرت أيضًا تعميمًا بوقف دخول السوريين من حاملي الإقامات الأوروبية وتأشيرات “شنجن” إلى البلاد دون الحصول على الموافقة الأمنية، واستثنى القرار السوريين حاملي الإقامة المؤقتة لغير السياحة.

ولا تزال الإمارات تمنح تأشيرات فقط بناء على كفالة أقارب من الدرجة الأولى. ووفق شروط أوضحتها السلطات الإماراتية، يسمح للمقيم سواء كان موظفًا أو مستثمرًا ويحمل إقامة سارية المفعول أن يكفل أفراد أسرته ويشمل ذلك الزوجة والأبناء. ويشترط على رب الأسرة المقيم استيفاء شروط معينة أبرزها راتب بحد أدنى 4000 درهم شهريًا (1090 دولارًا تقريبًا) أو راتب قدره 3000 درهم إماراتي (815 دولارًا) وسكن.

على الرغم من ذلك، تعود طلبات أغلب المتقدمين بالرفض إذا كانت على أساس كفالة الأقارب من الإخوة، دون معرفة السبب. وكانت تأشيرة “دبي السياحية للشباب”، التي كانت تمنح بتسهيلات وسرعة، توقفت منذ آب 2024، لأسباب مجهولة. وما زال العراق يمنح رسميًا تأشيرات للعمل والزيارة الشهرية والسنوية، لكن بعض شركات السياحة قالت إن التأشيرات إلى العراق متوقفة.

مشاركة المقال: