استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى القطاع المحاصر. وبررت واشنطن هذه الخطوة بأن النص يقوض الجهود الدبلوماسية الجارية لحل النزاع.
وقالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، قبيل التصويت إن "هذا القرار من شأنه أن يقوض الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار يعكس الواقع على الأرض ويشجع (حماس). كذلك فإن هذا القرار يرسي مساواة زائفة بين إسرائيل و(حماس)".
وكشف مراسل "أكسيوس"، في منشور على منصة "إكس"، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين اثنين، أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار من المقرر التصويت عليه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء).
ويعد هذا التصويت الأول للمجلس، المكون من 15 عضواً، بشأن هذه القضية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما عطلت الولايات المتحدة برئاسة الرئيس – حينها – جو بايدن نصاً يدعو إلى وقف إطلاق النار. ويعود آخر قرار للمجلس إلى يونيو (حزيران) 2024، عندما أيد خطة أميركية لوقف إطلاق نار متعددة المراحل، تنص على إطلاق سراح رهائن إسرائيليين في القطاع، ولم تتحقق الهدنة إلا في يناير (كانون الثاني) 2025.

ويطالب مشروع القرار الجديد، الذي اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، ويُطرح للتصويت الأربعاء عند الساعة 20:00 بتوقيت غرينيتش، بـ"وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم"، وبالإفراج غير المشروط عن الرهائن. كذلك يسلط مشروع القرار الضوء على "الوضع الإنساني الكارثي" في القطاع، ويدعو إلى الرفع "الفوري وغير المشروط لكل القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتوزيعها بشكل آمن ومن دون عوائق على نطاق واسع"؛ بما في ذلك من قِبَل الأمم المتحدة.
لكن يتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، "حق النقض (الفيتو)" ضد مشروع القرار، وفق ما ذكر عدد من الدبلوماسيين لوكالة الصحافة الفرنسية، مؤكدين أن ممثلي الدول العشر المنتخبة في المجلس الذين سيقدمون النص حاولوا "عبثاً" التفاوض مع الأميركيين.

"سيحاسبنا التاريخ"
وبعد حصار خانق استمر أكثر من شهرين، سمحت إسرائيل منذ 19 مايو (أيار) الماضي بدخول عدد محدود من شاحنات الأمم المتحدة إلى غزة، فيما أكدت المنظمة الأممية أن هذه المساعدات ليست إلا "قطرة في محيط" الاحتياجات بالقطاع الفلسطيني بعد 20 شهراً على بدء الحرب.
توازياً، بدأت "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي تديرها شركة أمن خاصة أميركية متعاقدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، توزيع المساعدات بقطاع غزة في 26 مايو الماضي. إلا أنها أعلنت إغلاق مراكزها مؤقتاً، الأربعاء، بعد مقتل العشرات بنيران إسرائيلية على مشارف مواقعها. ورفضت الأمم المتحدة التعاون مع المؤسسة، قائلة إنها لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية.
ويواجه الجيش الإسرائيلي اتهامات بإطلاق النار على حشود من المدنيين تدفقوا للحصول على طرود مساعدات من "مؤسسة غزة الإنسانية"؛ ما أدى إلى مقتل العشرات. ووصفت الأمم المتحدة هذه المراكز بأنها "فخ مميت"، حيث يضطر فلسطينيون جائعون إلى السير "بين أسلاك شائكة"، محاطين بحراسٍ خاصين مسلحين.
وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، الثلاثاء: "لا يمكنكم أن تشهدوا الغضب في مجلس الأمن… وتقبلوا أن تكونوا عاجزين. عليكم أن تتحركوا"، مشيراً إلى الخطاب الذي ألقاه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، ودعا فيه إلى "منع الإبادة" في غزة.
وأكد السفير الفلسطيني أنه في حال استخدام "حق النقض (الفيتو)"، فسيكون الضغط "على مَن يمنعون مجلس الأمن من تحمل مسؤولياته"، وقال: "سيحاسبنا التاريخ جميعاً على ما فعلناه بشأن وقف هذه الجريمة ضد الشعب الفلسطيني".
وتواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متنامية لإنهاء الحرب في غزة، التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة "حماس" في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.