علي البكيع – دير الزور
لطالما كانت مدينة البوكمال، الواقعة شرق محافظة دير الزور وعلى الحدود السورية العراقية، ولا زالت نقطة استراتيجية في عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، ما يجعلها بؤرة ساخنة تهدد النسيج المجتمعي المحلي. تفشي هذه الظواهر لا يقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل ينعكس بشكل خطير على حياة الشباب واستقرار المجتمع، مع ارتفاع معدلات الجريمة وتأجيج النزاعات.
“النظام كان يروج لها”
يقول أحمد المعروف (34 عاماً) من سكان البوكمال، عن الوضع السابق “انتشار المخدرات والسلاح في عهد النظام السابق كان كبيراً جداً، وكانت الميليشيات منتشرة، بعد سقوط النظام نأمل أن يكون هناك تعاون أكبر بين الحكومة والشعب، وأن تتحسن الأوضاع مستقبلاً.” خلال السنوات الماضية، كانت منطقة البوكمال تحت سيطرة النفوذ الإيراني، وكانت بوابة طريق إمداد للفصائل الإيرانية من العراق إلى وسط سوريا، وفي السنوات الأخيرة شهدت نشاطاً متزايداً لتجارة المخدرات والسلاح. ويضيف “المعروف” أن الموقع الحدودي للمدينة جعلها ممراً رئيسياً للفصائل الإيرانية لتهريب السلاح والمخدرات بهدف “تخريب الشباب”، مشيراً إلى أن “النظام السابق كان يروّج لهذه الظواهر، بينما تُظهر الحكومة الحالية وعياً أكبر”، معرباً عن أمله في تعاون المجتمع بكافة مكوناته للحد من هذه الآفة.
فيما يقول نعمة العلي الطارش من سكان البوكمال لنورث برس، إن “المخدرات في أيام النظام المخلوع، كانت تنتشر بين الناس كشرب الماء، وهذا كان مقصدهم لتدمير وعي الناس”، داعياً إلى توعية الناس بالابتعاد عن المخدرات وإبلاغ الجهات المختصة بمتعاطيها ومروجيها. من جانبه، يشير محمد عناد الحامد، من سكان البوكمال، إلى أهمية التوعية لمواجهة مخاطر المخدرات، قائلاً: “التوعية يجب أن تكون في المساجد والمدارس”، ويشدد على ضرورة توفير مصحات للمتعاطين ودور لرعايتهم ومعالجتهم. ويضيف: أن المجتمع يجب أن يساهم بذلك إلى جانب قوى الأمن الداخلي، مشيراً إلى أن حدود البوكمال واسعة وكبيرة وتحتاج لجهد أكبر في مكافحة المخدرات وضبط الحدود.
جهود أمنية وخطط مستقبلية
في السياق الأمني، يقول عبد الله الحسين، مسؤول أمن منطقة البوكمال، لنورث برس، إن الوضع الأمني شهد تحسناً ملحوظاً بفضل سلسلة من الإجراءات الفعّالة، منها ترسيم الحدود ونشر نقاط مراقبة في منطقتي البوكمال والقائم، إضافة إلى تكثيف الدوريات. ويضيف: أنه “تم القبض على عدد من المتورطين في التهريب، سواء داخل المدينة أو على الحدود، بناءً على معلومات قدمها الأهالي. ويشير المسؤول الأمني إلى أن بعض المهربين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في عهد النظام السابق، “حيث أنشأوا معابر خاصة بهم بعيداً عن الرقابة الرسمية”، مشدداً بأن المواجهة حالياً تتطلب جهوداً مضاعفة بسبب امتلاك بعضهم لأسلحة ثقيلة وتقنيات متطورة.
ويبيّن كذلك أن النفوذ الإيراني السابق لعب دوراً أساسياً في ترسيخ هذه الظواهر، قائلاً: “المنطقة كانت تحت سيطرة الأجواء الإيرانية، بوجود مقرات وأنفاق لعناصر إيرانية، من هنا، يجب منع تجار المخدرات من إدخال هذه المواد إلى سوريا، وهذه أولوية أمنية.” ويدعو المسؤول إلى تفعيل الجانب التوعوي من خلال المساجد واللقاءات الشعبية والمنصات الإعلامية، محذّراً من العواقب الوخيمة لهذه المواد على مستقبل الشباب. كما يشير إلى خطة أمنية متكاملة تشمل نشر نقاط مراقبة على طول الشريط الحدودي بالتنسيق مع الجانب العراقي، مضيفاً أنه “ستكون هناك نقاط على الشريط الحدودي بين سوريا والعراق بالتعاون مع الجانب العراقي لمنع دخول هذه المواد المهربة والممنوعة.”
وفي 20 أيار/ مايو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية السورية في بيان لها، إطلاق حملة أمنية مشتركة بالتعاون مع إدارة الأمن العام في منطقة دير الزور، أسفرت عن إلقاء القبض على أكثر من عشرين شخصاً من المطلوبين في مداهمات لمقرات كبار تجار ومهربي السلاح والمخدرات في بلدة الهري، شرق مدينة البوكمال التي تبعد 5كم عن الحدود مع العراق. وجاءت الحملة الأمنية في البوكمال، وسط استنفار أمني شهدته المنطقة بعد يومين على خلفية تفجير سيارة مفخخة استهدف مخفر مدينة الميادين، وأسفر عن مقتل أربعة عناصر من الشرطة ومدني. وسبق أن شنت إدارة الأمن العام حملة مداهمات في بلدة الهري مطلع نيسان/ أبريل الماضي أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من مهربي الأسلحة والمخدرات المرتبطين بالميليشيات الإيرانية، مع مصادرة كميات كبيرة من الحبوب المخدرة. كما كثفت قوى الأمن حضورها في المنطقة وعززت المخافر الحدودية.
تحرير: خلف معو