الخميس, 21 أغسطس 2025 10:14 PM

تصعيد في غزة: المقاومة تشن هجوماً واسعاً والاحتلال يبدأ عملية "مركبات جدعون 2"

تصعيد في غزة: المقاومة تشن هجوماً واسعاً والاحتلال يبدأ عملية "مركبات جدعون 2"

يشهد الوضع الميداني في مدينة غزة وضواحيها تصعيداً ملحوظاً، وذلك منذ إعلان حركة «حماس» وفصائل المقاومة الأخرى موافقتها على مقترح المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، الذي يقضي بهدنة لمدة 60 يوماً تهدف إلى فتح الطريق أمام مفاوضات لإنهاء الحرب، مقابل تسليم المقاومة عشرة أسرى أحياء و18 جثماناً.

وفي مساء أمس، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي ديفرين، عن بدء تطويق مدينة غزة وحصارها في إطار عملية أطلق عليها اسم «مركبات جدعون 2». وأوضح ديفرين في تصريح صحفي أن «الجيش بدأ العمل على تخوم مدينة غزة لتمهيد الطريق أمام البدء بعملية احتلالها»، مشيراً إلى أن عملية «مركبات جدعون» الأولى قد أدت دوراً تأسيسياً للعمليات البرية المرتقبة.

ويشير هذا إلى أن النهج العسكري في العمليات المقبلة لن يختلف عما شهده القطاع في الأشهر الأربعة الماضية، والذي يعتمد على التدمير الشامل للمنازل والممتلكات العامة والبنى التحتية، مما سيحول المدينة إلى ركام غير صالح لعودة السكان، كما حدث في محافظة شمال القطاع والأحياء الشرقية من مدينة غزة، مثل الشجاعية والزيتون والتفاح.

وبالفعل، بدأ جيش الاحتلال تطويق مدينة غزة من اتجاهين: الأول من حيي الزيتون والصبرة جنوب المدينة، حيث تجري عمليات نسف وتدمير مكثفة مع توغلات محدودة؛ والثاني من مدينة جباليا البلد ومحافظة شمال القطاع، بعد عودة «لواء جفعاتي» للعمل هناك. وشهد أمس تدمير عشرات المنازل وإخلاء مراكز الإيواء، بالتزامن مع توزيع منشورات لإخلاء المزيد من المربعات السكنية في جباليا البلد.

ويفتح الإعلان عن بدء عملية احتلال مدينة غزة، التي تؤوي نحو مليون إنسان، أكثر من نصفهم نازحون من مناطق دمرت في عملية «مركبات جدعون»، الباب أمام أزمة إنسانية مرتقبة، خاصة وأن المناطق التي يُنوى توجيه السكان إليها في وسط القطاع وجنوبه مكتظة بأكثر من مليون نسمة وغير مهيأة لاستقبال المزيد من النازحين. وتتجاوز الأزمة المساحة الضيقة إلى مشكلات أكثر تعقيداً، مثل تكلفة النزوح المرتفعة والفقر الشديد والنقص الحاد في الخيام ومتطلبات الإيواء والبنية التحتية. ومن المتوقع أن تبقى كتلة بشرية لا يقل تعدادها عن 500 ألف نسمة في المدينة وشمال القطاع، مهما كانت الأخطار والتحديات.

ولامتصاص ردة الفعل الدولية المتوقعة على الظروف الإنسانية التي ستخلفها عملية احتلال المدينة، تقدم وسائل الإعلام العبرية تغطية إخبارية مكثفة حول خطوات وإجراءات شكلية لا تأثير لها على الأرض، مثل توجيه وفد لصيانة مستشفى «غزة الأوروبي» في مدينة خانيونس لتشغيله لرعاية النازحين، وافتتاح نقاط طبية وعيادات جديدة في مناطق جنوب القطاع، وإدخال كميات كبيرة من الخيام بالتعاون مع الأمم المتحدة، بينما يتكرر السلوك الإسرائيلي المعتاد في دفع مئات الآلاف من النازحين إلى العراء والمجهول دون أدنى رعاية.

وفي المقابل، أكدت المنظمات الدولية، وفي مقدمتها «وكالة الغوث» و»مكتب تنسيق العمليات الإنسانية» (أوتشا) و»برنامج الأغذية العالمي» و»منظمة الصحة العالمية»، أنها لن تخلي مدينة غزة وستواصل تقديم خدماتها في أي مكان يبقى فيه الأهالي. وأعربت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» عن خشيتها من عملية احتلال المدينة، وأكدت أن أهالي القطاع بحاجة إلى وقف إطلاق نار لالتقاط الأنفاس، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على ما نسبته 75% من مساحة القطاع، وليس حشر مليوني إنسان في مساحة ضيقة في ظروف إنسانية صعبة.

وفي سياق متصل، تمكنت المقاومة الفلسطينية، أمس، من تنفيذ هجوم نوعي هو الأكبر والأول من نوعه منذ بداية الحرب، استمر لساعات. فقد أغارت قوة من «كتائب القسام» قوامها فصيل عسكري كامل، أي ما يقارب 20 مسلحاً، على موقع عسكري مستحدث في مدينة خانيونس جنوب مدينة غزة.

ووفقاً لبيان «كتائب القسام»، هاجم المقاومون الموقع واستهدفوا عدداً من دبابات الحراسة من نوع «ميركافا 4» بعبوات «شواظ» وعبوات «العمل الفدائي» وقذائف «الياسين 105». كما استهدفوا عدداً من المنازل التي تحصن فيها جنود الاحتلال بقذائف مضادة للتحصينات والأفراد ونيران الأسلحة الرشاشة، واقتحم عدد منهم المنازل وأجهزوا على جنود الاحتلال من مسافة صفر، وتمكنوا أيضاً من قنص قائد دبابة وإصابته إصابة قاتلة. ودك المقاومون محيط الموقع المستهدف بقذائف الهاون لمنع وصول قوات النجدة، ثم تواصل القصف لتأمين انسحابهم من المكان. وفور وصول قوة الإنقاذ، قام أحد المقاومين بتفجير نفسه بالجنود، وأوقعهم بين قتيل وجريح.

وتناقلت وسائل إعلام عبرية مقطعاً مصوراً أظهر محاولة أحد المقاومين إطلاق قذيفة مضادة للدروع في اتجاه دبابة «ميركافا»، قبل أن يتقدم قائد الدبابة ويقوم بدهسه. وأحدث هذا المقطع جدلاً واسعاً في الإعلام العبري الذي اعتبره إشارة إلى حدوث التحام مباشر من مسافة صفر.

كما نقل مراسلون عسكريون إسرائيليون تفاصيل أكدوا فيها أن المقاومين خرجوا من عدة فتحات أنفاق واقتحموا الموقع من غير جهة. وتساءل المراسل العسكري، أمير بوحبوط، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»: «كيف يفسر جيش الدفاع الإسرائيلي وصول مسلحي حماس إلى معارك وجهاً لوجه؟ أين منظومة الحماية وأين الاستخبارات؟ ما الذي انهار هنا؟ لماذا اضطرت دبابة ميركافا إلى سحق مسلح؟ كيف اقتربوا كثيراً من الدبابة؟ هل عين قائد قيادة الجنوب ضباط تحقيق؟».

وعلقت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بدورها، على الحدث، معتبرة إياه فشلاً دراماتيكياً لـ»الشاباك» والاستخبارات العسكرية؛ وقدرت أن مقاومي «القسام» كانوا يهدفون إلى أسر جنود، مؤكدة أن «العملية الأخيرة خطيرة جداً وتكشف ضعف الشاباك والاستخبارات العسكرية في المنطقة. اقتحام موقع عسكري بموجة كبيرة من المسلحين يثير قلقاً في شأن جاهزية الجيش لإدارة عملية السيطرة على مدينة غزة».

مشاركة المقال: