علي عبود: لم يكن الممر الشمالي يحظى بالكثير من الاهتمام العالمي كبديل لقناة السويس، لكن الوضع تغير جذريًا بعد العقوبات المفروضة على روسيا. هذه العقوبات دفعت روسيا للبحث عن بدائل، وبرز الممر الشمالي كمنافس قوي لقناة السويس.
يبدو أن روسيا كانت مستعدة لمواجهة حرب تجارية محتملة، وقامت بالتخطيط للممر الشمالي كبديل استراتيجي. وقد فوجئ العالم، وخاصة الغرب، بسرعة تفعيل هذا الممر بعد تصاعد التوترات في أوكرانيا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن منذ أكثر من ثلاث سنوات أن بلاده تمتلك أكبر أسطول من كاسحات الجليد في العالم، وذلك مع تزايد الاهتمام بالممر الشمالي من قبل الشركات الروسية والأجنبية. هذه الكاسحات ليست عادية، بل نووية، وقادرة على تذويب الجليد على مدار الساعة، مما يضمن بقاء الممر مفتوحًا للملاحة.
في الماضي، كان امتلاك روسيا لأكبر أسطول من كاسحات الجليد يبدو أمرًا طبيعيًا، لكن لم يتوقع الكثيرون أن تستخدم روسيا هذه الكاسحات لتفعيل الممر الشمالي وتحويله إلى ممر ملاحة عالمي لتصدير منتجاتها، وخاصة النفط والغاز، بعد فرض العقوبات الاقتصادية والتجارية عليها.
لتأكيد هذا الهدف، بدأت موسكو بزيادة بناء السفن النووية القادرة على اختراق الجليد الذي يصل سمكه إلى أكثر من ثلاثة أمتار، وهي عملية مستمرة في حوض بناء السفن في منطقة البلطيق.
يمتد الممر الشمالي عبر الدائرة القطبية الشمالية ويربط المحيطين الأطلسي والهادئ، مما يؤمن التجارة لمناطق واسعة تطل على هذين المحيطين. وقد أصبح هذا الممر سالكًا بفضل العقوبات التجارية على روسيا وكاسحات الجليد النووية.
لا يقتصر الأمر على إنعاش الممر الشمالي، بل تخطط روسيا أيضًا لتطوير منطقة القطب الشمالي بفضل كاسحات الجليد، وهو أمر لم يكن ممكنًا في العقود الماضية.
سيؤدي تفعيل الملاحة في الممر الشمالي إلى تطور كبير في البنية التحتية للنقل في روسيا. وقد زادت حركة نقل البضائع في الممر من 36 مليون طن في عام 2023 إلى 37.6 مليون طن في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 100 مليون طن عام 2030 بعد الانتهاء من بناء 7 كاسحات جليد نووية!
الخلاصة: تخطط روسيا لاستخدام الممر الشمالي لتصدير النفط والغاز إلى الأسواق الخارجية، ومن المتوقع أن يتحول هذا الممر إلى ممر تجاري رئيسي للبضائع المشحونة بين أوروبا وآسيا في المستقبل القريب.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)