منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، استمر نهجه المثير للجدل، وشهدت الأشهر الستة الأولى قرارات مفاجئة وتحولات اقتصادية عميقة أثرت على الساحة الداخلية والخارجية.
اتخذ ترامب سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الحاسمة، بدءاً من التهديد بفرض رسوم جمركية على دول عدة، وصولاً إلى تخفيضات ضريبية واسعة النطاق. أدت هذه السياسات إلى تقلبات في الأسواق المالية، تجلّت بوضوح في شهر نيسان/أبريل، عندما أعلن ترامب ما أسماه "يوم التحرير" التجاري، مما تسبب في أكبر انخفاض يومي للأسهم الأميركية منذ خمس سنوات.
على الرغم من هذه الاضطرابات، استعادت الأسواق عافيتها وسجلت مستويات قياسية جديدة، مدفوعة بتأجيل ترامب المتكرر لتهديداته الجمركية.
في المقابل، انخفض الدولار الأميركي بشكل ملحوظ، مسجلاً أسوأ أداء نصف سنوي له منذ عام 1973، مما أثار قلق الخبراء الاقتصاديين الذين حذروا من أن سياسات ترامب الاقتصادية وهجماته على استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تضعف مكانة الدولار كعملة ملاذ آمن.
من بين أبرز إنجازات ترامب تمرير قانونه الضريبي والإنفاقي الضخم، المعروف بـ"مشروع القانون الكبير الجميل"، والذي أقر بأغلبية ضئيلة في مجلسي الشيوخ والنواب، ويمثل انتصاراً داخلياً كبيراً له. وقد وقّع ترامب القانون رسمياً في الرابع من تموز/يوليو.
وفي إطار سعيه لإعادة هيكلة الدولة، قاد ترامب حملة لتقليص الإنفاق الحكومي تحت إشراف "إدارة كفاءة الحكومة" (دوج)، بهدف استئصال ما وصفه بـ "الهدر والاحتيال والإساءة". إلا أن هذه الحملة أدت إلى إغلاق عدد من الإدارات الحكومية، أحياناً دون دراسة كافية للتبعات الاجتماعية والإدارية.
على الرغم من هذه التغييرات، ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 11% منذ بداية العام، متجاوزاً المتوسط التاريخي. ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن الشارع الأميركي لا يشارك المستثمرين هذا التفاؤل، ولا تزال المخاوف قائمة بشأن التضخم والتباطؤ الاقتصادي.
يلاحظ المحللون تباطؤاً في الاقتصاد الأوسع، لكن أسواق رأس المال تتعامل مع هذا الواقع بهدوء، متوقعة انتعاشاً محتملاً بعد انتهاء الجدل حول التعريفات الجمركية.
باختصار، الأشهر الستة الأولى من ولاية ترامب الثانية كانت مليئة بالعواصف الاقتصادية والسياسية التي أربكت الداخل الأميركي وأقلقت العالم. وبينما يراهن ترامب على خططه الجريئة لإعادة تشكيل الدولة، يبقى السؤال: هل سيتمكن من تحقيق الاستقرار على المدى الطويل، أم أن العالم سيشهد المزيد من المفاجآت؟
جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار