الثلاثاء, 22 يوليو 2025 03:53 PM

الرقة: أزمة النفايات تدفع السكان لجمع البلاستيك بحثًا عن لقمة العيش

الرقة: أزمة النفايات تدفع السكان لجمع البلاستيك بحثًا عن لقمة العيش

في مدينة الرقة وريفها، يتفشى جمع علب البلاستيك من مكبات النفايات وعلب المشروبات الغازية، حيث يقوم بذلك الأطفال والرجال على حد سواء، وذلك بهدف بيعها وتأمين أبسط مقومات الحياة. تعكس هذه الظاهرة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تعاني منها المنطقة، في ظل غياب حلول جذرية ومستدامة.

قصص من واقع الألم

عبد الله العويد، والد لطفلين يعملان في جمع البلاستيك، يروي لمنصة “سوريا 24” معاناته قائلاً: “الدخل لم يعد كافيًا. لولا هذا العمل، لما استطعنا شراء الخبز أو الخضار وتلبية احتياجاتنا اليومية.”

محمد الخلف، رجل خمسيني فقد مصدر رزقه منذ سنوات، يقول لـ”سوريا 24″: “أحتاج لأي دخل يعينني على الحياة. أبدأ يومي في ساعات الفجر، وأتجه إلى حاويات القمامة، خاصة القريبة من المطاعم والمقاهي، لأجمع علب المشروبات الغازية الفارغة وبيعها في سوق الخردة.” ويضيف: “سعر الكيلوغرام الواحد من تلك العلب يبلغ حوالي 15 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل دولارًا ونصف تقريبًا. أشعر بالسعادة عندما أنجح في جمع ثلاثة كيلوغرامات، رغم أن الكثيرين يسبقونني إليها.”

الطفولة المهدورة

الأطفال هم الأكثر تضررًا، حيث تتراوح أعمارهم بين 7 و15 عامًا، ويقضون ساعات طويلة في البحث وسط النفايات عن المواد القابلة للبيع، محرومين من التعليم وأبسط حقوقهم الأساسية.

مريم العلي، نازحة من ريف دير الزور ومقيمة في مخيم سهلة البنات شمال الرقة، تحدثت لـ”سوريا 24″ قائلة: “أطفالي لم يلتحقوا بالمدرسة بسبب الحاجة للعمل. نحن لا نفكر بالمستقبل، كل همّنا هو أن نعيش يومًا بيوم.”

جهود محدودة من المنظمات

سارة العبد، عاملة في إحدى المنظمات الإنسانية في مدينة الرقة، أوضحت في تصريحها لـ”سوريا 24″: “الوضع الاقتصادي المتدهور هو السبب الجذري لهذه الظاهرة. نحتاج إلى تدخل حكومي فعلي، ودعم مجتمعي حقيقي لتقديم بدائل واقعية للأسر المحتاجة.”

مصدر في منظمة محلية غير حكومية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، قال لـ”سوريا 24″: “نقوم بتنفيذ حملات توعية تستهدف الأسر حول مخاطر العمل في جمع النفايات، كما نحاول توفير فرص تعليمية وبرامج دعم اقتصادي، لكن إمكانياتنا تبقى محدودة جدًا مقارنة بحجم الحاجة.”

أعباء صحية متفاقمة

لا تقتصر أضرار العمل في جمع البلاستيك على الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي، بل تمتد لتشمل المخاطر الصحية الجسيمة. الطبيب محمد العلي صرّح لـ”سوريا 24″ محذرًا: “الأشخاص الذين يعملون في جمع النفايات معرضون للإصابة بأمراض جلدية وتنفسية، نتيجة التعرّض المباشر للمواد الكيميائية والبيئة غير النظيفة. هذه الممارسات تشكل تهديدًا حقيقيًا على صحتهم، خصوصًا في غياب أدوات الوقاية والتوعية الصحية.”

طريق الخلاص يبدأ بالبدائل

مصطفى الغسان، أحد شباب الرقة الناشطين في الحملات التطوعية، أكد في حديثه لـ”سوريا 24″: “الحل يكمن في توفير بدائل عملية من خلال فرص عمل حقيقية، وتحسين التعليم، وإطلاق برامج دعم اقتصادي تُراعي أوضاع الأسر الفقيرة. يجب على المجتمع المدني والمنظمات الدولية أن تستثمر جهودها في دعم الفئات الأكثر تضررًا.”

الحاجة إلى تحرك شامل

ما يحدث في الرقة ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو انعكاس لأزمة مركّبة تطال الأطفال، وكبار السن، والنساء على حدّ سواء. فمع استمرار غياب السياسات الداعمة والحلول الجذرية، تزداد معاناة السكان يومًا بعد يوم. أهالي المدينة يرون أن إنهاء هذه المأساة يتطلب تدخلًا حقيقيًا يعيد للأطفال حقهم في التعليم والحماية، ويوفّر للكبار فرصة حياة كريمة، في بيئة إنسانية وصحية وآمنة.

مشاركة المقال: