جددت ألمانيا تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى سوريا، مشيرة إلى استمرار المخاطر الأمنية الجسيمة في جميع أنحاء البلاد. وأكدت الوزارة أن سفارة ألمانيا في دمشق ما تزال مغلقة أمام المراجعين، وأن الدعم القنصلي للمواطنين الألمان في سوريا محدود للغاية، ويقتصر على الحالات الطارئة فقط.
على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ منذ 24 حزيران الماضي، إلا أن احتمالات التصعيد الأمني ما تزال واردة، بما في ذلك الهجمات والاضطرابات في سوريا، والتأثيرات المحتملة على حركة الطيران في المنطقة. وحذرت الخارجية الألمانية من احتمال اندلاع تظاهرات في المراكز الحضرية الكبرى، مع صعوبة التنبؤ بردود فعل قوات الأمن.
يذكر أن الحكومة السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد كانت قد سقطت في 8 كانون الأول 2024 على يد فصائل معارضة، من بينها جماعة “هيئة تحرير الشام” الإسلامية. وعلى الرغم من تشكيل حكومة جديدة، إلا أن السيطرة على كامل الأراضي السورية لم تتحقق بعد، وتستمر الاشتباكات المسلحة في عدة مناطق. وتشهد المدن الكبرى موجات من الجرائم، بما في ذلك عمليات الخطف والسطو. ولا يزال خطر التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم “داعش”، قائمًا، حيث أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف كنيسة في دمشق بتاريخ 22 حزيران 2025، وأسفر عن سقوط العديد من الضحايا.
تبقى المناطق الساحلية عرضة لحوادث الخطف والقتل خارج إطار القانون، فيما يشهد الشمال والشرق تفجيرات بعبوات ناسفة بدائية. وتنفذ إسرائيل بين الحين والآخر غارات جوية تستهدف منشآت عسكرية داخل الأراضي السورية، بعضها يتم في وضح النهار وفي مناطق مأهولة. وفي شمال شرق البلاد، ما تزال “قوات سوريا الديمقراطية” تسيطر على الأرض، رغم اتفاق مبدئي تم التوصل إليه مع الحكومة منذ آذار 2025. إلا أن الوضع الأمني هناك يبقى هشًا وقابلًا للتدهور.
تستمر حركة النزوح والهجرة من سوريا إلى الدول المجاورة، وسط إغلاق عدد من المعابر الحدودية أو فرض قيود مفاجئة على التنقل، مما يصعّب عملية المغادرة. ويمكن مغادرة سوريا إلى لبنان عبر معبر “المصنع”، إلا أن الإجراءات الأمنية صارمة، وتستلزم إبراز جواز سفر ساري المفعول وتذكرة سفر إلى الوجهة النهائية. وبالنسبة للخروج إلى تركيا، دعت الخارجية إلى مراجعة التعليمات الخاصة بتركيا بشكل منفصل.
وفي حال الضرورة القصوى للسفر إلى سوريا، شددت الخارجية على ضرورة إعداد خطة أمنية شاملة بمساعدة محترفين، واتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة، مثل ترك وصايا قانونية وتوكيلات خاصة بالأمور الشخصية والمهنية، وتحديد ترتيبات حضانة الأطفال. كما نبهت إلى وجود ألغام ومخلفات حربية غير منفجرة تشكل خطرًا مميتًا، خصوصًا عند دخول المنازل المهجورة أو الأراضي غير المأهولة. ولا تزال حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني تعم البلاد، دون أن تحقق المبادرات السياسية أو إعلانات وقف إطلاق النار أي تهدئة مستدامة.
أشارت الخارجية إلى أن الوضع الأمني في دول الجوار – مثل إسرائيل، لبنان، العراق، تركيا، والأراضي الفلسطينية – يستوجب أيضًا متابعة التحذيرات الخاصة بها. وتفاقم خطر الجريمة في ظل ضعف التواجد الأمني، وتزايدت الهجمات على الحواجز الأمنية في الفترة الأخيرة. وتبقى احتمالية تعرّض الأجانب للاختطاف في جميع أنحاء البلاد مرتفعة، حتى في العاصمة دمشق وضواحيها. كما حذّرت الخارجية من تصرفات غير متوقعة أو تعسفية قد تصدر عن الأجهزة الأمنية الجديدة، وأوصت بعدم التنقل ليلًا تحت أي ظرف.