الجمعة, 18 يوليو 2025 12:43 AM

تطورات مفاجئة في الملف السوري: اتصالات دولية لوقف التصعيد الإسرائيلي وجهود روسية لإعادة الاستقرار

تطورات مفاجئة في الملف السوري: اتصالات دولية لوقف التصعيد الإسرائيلي وجهود روسية لإعادة الاستقرار

رامي الشاعر

كشف الرئيس السوري أحمد الشرع عن مبادرات دولية مكثفة بُذلت بهدف وقف الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت مدنية وعسكرية سورية يوم أمس.

من جانبه، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء، بأنه أجرى اتصالات مع كل من سوريا وإسرائيل، معربًا عن أمل واشنطن في تخفيف حدة التوتر ومساعدة سوريا على تحقيق الاستقرار. وأكد ترامب أن ما حدث كان مجرد "سوء فهم بين الجانبين السوري والإسرائيلي".

وفي سياق متصل، كان الاتحاد الأوروبي قد أصدر في 20 مايو قرارًا يقضي بالرفع الكامل للعقوبات المفروضة على سوريا، باستثناء تلك التي تستهدف عددًا من الأفراد المرتبطين بالنظام السابق. تبع ذلك إصدار الرئيس ترامب، في 30 يونيو الماضي، أمرًا تنفيذيًا برفع العقوبات عن سوريا، وهو ما قامت بتنفيذه بالفعل الخارجية الأمريكية، بهدف إتاحة الفرصة للشعب السوري للتقدم والازدهار.

وفي تصريح مماثل، أشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مساء الأربعاء، إلى أن وقف إطلاق النار في سوريا سيدخل حيز التنفيذ خلال فترة تتراوح بين 3 و 4 ساعات، مضيفًا: "نحن على تواصل دائم مع الدول المعنية في المنطقة منذ بداية الهجمات الإسرائيلية على سوريا".

أيضًا، أكد الرئيس الشرع في خطاب متلفز ألقاه يوم أمس أن السوريين، عبر تاريخهم الطويل، لطالما رفضوا جميع أشكال التقسيم، مشددًا على استعداد الشعب السوري الدائم للدفاع عن كرامته. كما أدان محاولات الكيان الإسرائيلي لتحويل الأراضي السورية إلى ساحة للفوضى، مؤكدًا عزمه على عدم السماح "بتوريط الشعب السوري في حرب لا تخدم سوى جر شعبنا إلى الفوضى والدمار".

وأشار الشرع كذلك إلى أن الدروز هم "جزء أساسي من هذا الوطن، وحمايتهم تأتي على رأس أولوياته". ودعا المواطنين إلى تغليب المصلحة الوطنية وتجنب تفكيك وحدة البلاد وشعبها وإضعاف قدرة الدولة السورية على المضي قدمًا في مسيرة إعادة البناء والنهوض.

مما لا شك فيه أن سوريا تعرضت لهزة قوية ومؤثرة، وأن استهداف مقر قيادة الجيش في قلب العاصمة دمشق يمثل فعلًا سياسيًا وعسكريًا خطيرًا من حيث المغزى والهدف. إن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس للدروز بـ "إخواننا" الدروز و"إخوانكم" الدروز في الداخل السوري، والتحركات العسكرية المتمثلة في نقل فرقتين من غزة إلى الحدود مع سوريا، كلها مؤشرات بالغة الخطورة، ولها تبعات استراتيجية تتجاوز مجرد وقف إطلاق نار تكتيكي.

وإذا جاز التذكير، فإن كلمات الشرع أعادت إلى الأذهان ما كتبه المشاركون في مؤتمر الحوار الوطني السوري، كممثلين عن مختلف أطياف المجتمع السوري بقواه السياسية والمدنية ومجموعاته العرقية والطائفية والاجتماعية، منذ سبعة أعوام، في 29-30 يناير من العام 2018، حينما اتفقوا على التسوية السياسية لمشاكل الوطن السوري على أساس الاحترام والالتزام الكامل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها أرضًا وشعبًا.

إن كلمات الشرع تعبر بالفعل عن صوت العقل، بل والواقع على الأرض، فهو يؤكد أن إسرائيل قد تكون قادرة على شن الحرب، لكنها لن تستطيع إنهاءها. وهذه حقيقة واقعة يشهد عليها العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، والإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة. فلم يسقط النظام في إيران، ولم تتوقف "حماس" والفصائل عن المقاومة، ولم يندثر الشعب الفلسطيني كما يتمنى المتطرفون الإسرائيليون.

والشرع، كما نعرفه، رجل حرب ونضال وجهاد، وليس "ممن يخشون الحرب" على حد تعبيره، إلا أنه فضل، وهو ما أحسن فعله، مصلحة السوريين على الفوضى والدمار.

إن خطاب الشرع المتزن لا يخص سوريا وحدها، وإنما يخص المنطقة بأسرها. فالفوضى في سوريا تعني فوضى في المنطقة والعالم، وهو ما لمسناه بوضوح من تداعيات الأزمة السورية على المنطقة والعالم في الفترة من 2011.

إلا أن ما قد ينقص الخطاب، وأتصور أن القيادة في دمشق ستشرع في العمل عليه، هو خارطة طريق مماثلة لتلك التي رسمها المجتمعون في سوتشي 2018، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف الظروف والملابسات بطبيعة الحال، حيث يحتاج الشعب السوري الآن إلى تلك الخارطة بشكل ملح وعاجل.

وبغض النظر عن التوجهات الراهنة للقيادة السورية، إلا أنه يجب عدم التفريط فيما تم التوصل إليه بمبادرة من روسيا التي لم تدخر جهدًا في مساعدة الشعب السوري لتجاوز أزمته، ولعل العودة إلى البيان الختامي لمؤتمر سوتشي 2018 تساعد في وضع علامات على تلك الخارطة كي يهتدي بها المفكرون وصانعو القرار في دمشق.

إليكم البيان الختامي لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، 30 يناير 2018:

اجتمعنا، نحن مندوبو مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي يمثل جميع شرائح المجتمع السوري، وسلطاته السياسية والمدنية، والجماعات العرقية والطائفية والاجتماعية، بدعوة من الاتحاد الروسي الودي، في مدينة سوتشي، بقصد إنهاء معاناة شعبنا لمدة سبع سنوات، من خلال تحقيق فهم مشترك لضرورة إنقاذ وطننا من المواجهة المسلحة والخراب الاجتماعي والاقتصادي واستعادة كرامته على الصعيدين الإقليمي والعالمي المرحلة، وتوفير الحقوق والحريات الأساسية لجميع مواطنيها، والأهم من ذلك، الحق في حياة سلمية وحرة دون عنف وإرهاب. الطريقة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف بالذات هي التسوية السياسية لمشاكل وطننا على أساس المبادئ التالية:

  1. احترام سيادة [الجمهورية العربية السورية / دولة سوريا] والتزامها الكامل بسيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا كوحدة وشعب. في هذا الصدد، لن يتم التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية. يظل الشعب السوري ملتزمًا باستعادة الجولان السوري المحتل بكل الوسائل القانونية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؛
  2. احترام والتزام كامل بالمساواة والحقوق السيادية الوطنية لسوريا فيما يتعلق بعدم التدخل. ستلعب سوريا دورها الكامل في المجتمع الدولي والمنطقة، بما في ذلك كجزء من العالم العربي، بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة، ومقاصده ومبادئه؛
  3. يحدد الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية، من خلال صندوق الاقتراع، ويكون له الحق الحصري في اختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون ضغط أو تدخل خارجي، بما يتماشى مع حقوق والتزامات سوريا الدولية.
  4. تكون [الجمهورية العربية السورية / دولة سوريا] دولة ديمقراطية وغير طائفية قائمة على التعددية السياسية والمواطنة المتساوية بصرف النظر عن الدين والإثنية والجنس، مع الاحترام التام لسيادة القانون وحمايتها، والانفصال السلطات، واستقلال القضاء، والمساواة الكاملة لجميع المواطنين، والتنوع الثقافي للمجتمع السوري، والحريات العامة، بما في ذلك حرية المعتقد، والتي تتميز بحكم شفاف وشامل وخاضع للمساءلة ومسؤول، بما في ذلك قبل القانون الوطني، مع اتخاذ تدابير فعالة ضرورية لمكافحة الجريمة والفساد وسوء الإدارة؛
  5. دولة ملتزمة بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والتنمية الشاملة والمتوازنة مع التمثيل العادل في الإدارة المحلية؛
  6. استمرارية وتحسين أداء مؤسسات الدولة والعامة، مع إجراء إصلاحات عند الضرورة، بما في ذلك حماية البنية التحتية العامة وحقوق الملكية وتوفير الخدمات العامة لجميع المواطنين دون تمييز، وفقًا لأعلى معايير الحكم الرشيد والمساواة بين الجنسين. يستفيد المواطنون من الآليات الفعالة في علاقاتهم مع جميع السلطات العامة بطريقة تضمن الامتثال التام لسيادة القانون وحقوق الإنسان وحقوق الملكية الخاصة والعامة؛
  7. جيش وطني قوي وموحد وجدير بالثقة يقوم بواجباته وفقًا للدستور وأعلى المعايير. وتتمثل مهامها في حماية الحدود الوطنية والناس من التهديدات الخارجية والإرهاب، مع مؤسسات الاستخبارات والأمن للحفاظ على الأمن القومي خاضعًا لسيادة القانون، والتصرف وفقًا للدستور والقانون واحترام حقوق الإنسان. يكون استخدام القوة هو الاختصاص الحصري لمؤسسات الدولة المختصة؛
  8. الرفض المطلق للإرهاب والتعصب والتطرف والطائفية – والالتزام النشط بمكافحته – بكل أشكاله ومعالجة الظروف المؤدية إلى انتشارها؛
  9. احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة، لا سيما في أوقات الأزمات، بما في ذلك عدم التمييز والمساواة في الحقوق والفرص للجميع دون النظر إلى العرق أو الدين أو الإثنية أو الهوية الثقافية أو اللغوية أو الجنس أو أي تمييز آخر، مع آلية فعالة لحمايتهم، والتي تولي الاعتبار الواجب للحقوق والفرص السياسية والمتساوية للمرأة، بما في ذلك من خلال اتخاذ تدابير فعالة لضمان التمثيل والمشاركة في المؤسسات وهياكل صنع القرار، مع آليات تهدف إلى تحقيق مستوى من التمثيل ما لا يقل عن 30 ٪ للنساء، وهدف التكافؤ؛
  10. مكانة عالية القيمة للمجتمع السوري والهوية الوطنية، وتاريخها في التنوع والمساهمات والقيم التي جلبتها جميع الأديان والحضارات والتقاليد إلى سوريا، بما في ذلك التعايش بين مختلف مكوناتها، إلى جانب حماية الثقافة الوطنية تراث الأمة وثقافاتها المتنوعة؛

11- مكافحة الفقر والقضاء عليه وتقديم الدعم للمسنين وغيرهم من الفئات الضعيفة، بما في ذلك الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة والأيتام وضحايا الحرب، بما في ذلك ضمان سلامة وملجأ جميع المشردين واللاجئين، وكذلك حماية حقهم العودة الطوعية والآمنة إلى منازلهم وأراضيهم؛

  1. الحفاظ على التراث الوطني والبيئة الطبيعية وحمايتهما للأجيال المقبلة وفقًا للمعاهدات البيئية وإعلان اليونسكو بشأن التدمير المتعمد للتراث الثقافي.

نحن، ممثلو الشعب السوري الفخور، بعد أن عانينا من البؤس الشديد ووجدنا ما يكفي من القوة لمحاربة الإرهاب الدولي، نعلن طيه عزمنا على استعادة رفاهية ورخاء وطننا وجعل الحياة لائقة ومريحة لكل واحد منا.

ولتحقيق هذه الغاية، وافقنا على تشكيل لجنة دستورية تضم وفد حكومة الجمهورية العربية السورية مع وفد معارض واسع التمثيل لصياغة إصلاح دستوري كمساهمة في التسوية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254.

ستضم اللجنة الدستورية على الأقل الحكومة وممثلي المعارضة في المحادثات بين سوريا والخبراء السوريين والمجتمع المدني والمستقلين والزعماء القبليين والنساء. يجب توخي الحذر لضمان التمثيل الكافي للمكونات العرقية والدينية في سوريا. يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة بشأن ولاية واختصاصات وسلطات النظام الداخلي ومعايير الاختيار لتشكيل اللجنة الدستورية.

نناشد الأمين العام للأمم المتحدة تعيين المبعوث الخاص لسوريا للمساعدة في عمل اللجنة الدستورية في جنيف.

سوتشي، 30 يناير 2018

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: