في أعقاب التحولات السياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، أعلن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت يوم الخميس عن بدء محادثات رسمية بين ألمانيا والحكومة السورية. تهدف هذه المحادثات إلى إبرام اتفاق لإعادة من وصفهم الوزير بـ "المجرمين السوريين" المتواجدين في ألمانيا.
أوضح دوبرينت في تصريحات نشرتها وسائل إعلام ألمانية أن سوريا لا تزال تمثل تحديًا فيما يتعلق بعمليات إعادة اللاجئين، مؤكدًا على التواصل مع دمشق للتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. وقد أثار هذا التصريح جدلاً واسعًا حول مستقبل عشرات الآلاف من السوريين المقيمين في ألمانيا منذ سنوات، خاصةً أولئك الذين تأثروا بقرار تعليق النظر في طلبات اللجوء الصادر في 9 كانون الأول/ديسمبر 2024، والذي شمل حوالي 47 ألف شخص.
يأتي هذا التصريح بعد أيام من إقرار البرلمان الألماني قرارًا بتجميد لمّ الشمل لمدة عامين للسوريين الحاصلين على الحماية الفرعية، وذلك في 27 حزيران/يونيو 2025، الأمر الذي أثر على مئات الآلاف من الأسر المشتتة.
انتظار بلا نهاية: ملفات عالقة منذ شهور
أحمد، شاب يبلغ من العمر 29 عامًا من الحسكة، وصل إلى ألمانيا في مطلع عام 2024، ولا يزال ينتظر قرارًا بشأن طلب لجوئه. صرح لمنصة سوريا 24 قائلاً: "منذ وصولي إلى ألمانيا، أعيش على أمل بدء حياة جديدة، لكن كل شيء متوقف. تصريح الوزير أعطاني شعورًا بأن هناك تحركًا قد يفتح الملفات المعلقة، ولكني في الوقت نفسه أشعر بالخوف من أن يكون المقصود أوسع من 'المجرمين'."
ليلى، شابة تبلغ من العمر 23 عامًا من حلب وتقيم في كولن، عبرت عن قلقها قائلة: "لا يمكنني التقدم للحصول على فرصة عمل ثابتة لأن وضعي غير واضح. نحن هنا لأننا نريد بناء مستقبلًا آمنًا، لا أن نبقى عالقين في الفراغ القانوني."
حلم لمّ الشمل المجمّد: بين الأمل واليأس
في دورتموند، قال خالد، البالغ من العمر ٤٠ عامًا ومن دير الزور، والذي يعيش في ألمانيا منذ عام 2021: "أنا مسجل على لمّ الشمل منذ عام 2022، وكان دوري قريبًا. الآن سيؤجل لمدة عامين بسبب القرار الجديد. أشعر وكأنني أعاقب فقط لأني انتظرت بصبر." وأضاف خالد: "أفكر أحيانًا بالعودة إلى سوريا، لأني لا أستطيع العيش بعيدًا عن أطفالي أكثر. لقد بعت بيتي وكل ما أملك لأصل إلى هنا… فأين سأعود الآن؟"
رامي، البالغ من العمر 42 عامًا ومن إدلب ويقيم في مونستر، هو الآخر مسجل على لمّ الشمل منذ أكثر من عامين دون جدوى. يقول: "دفعت تكلفة باهظة للوصول إلى هنا بعد أن فقدنا منزلنا في سوريا، وها أنا الآن مقيد بحماية فرعية تمنعني من جمع عائلتي. القرار الأخير كان صدمة. لا أفهم كيف تطلب ألمانيا منا الاندماج، ثم تمنعنا من أن نعيش مع عائلاتنا."
إلى أين تتجه الأمور؟
تصريح دوبرينت، على الرغم من تركيزه على فئة محددة من اللاجئين، فتح أبواب الترقب والقلق في صفوف السوريين في ألمانيا. فبين من ينتظر معالجة طلب اللجوء، ومن أُجّل لمّ شمله لعامين إضافيين، تتصاعد مشاعر الإحباط واللا يقين. بعض اللاجئين بدأوا يفكرون بخيارات أخرى، مثل العودة إلى سوريا التي لا يعرفون كيف سيبدؤون فيها من جديد، بعد أن خسروا كل شيء في طريق اللجوء.
"نحن لسنا عبئًا"، قالها أحمد في نهاية حديثه، مضيفًا: "نريد فقط فرصة عادلة. القرار السياسي إذا لم يرافقه إنصاف إداري، فلن يبقى معنا شيء سوى الانتظار أو الرجوع إلى المجهول."
المخرج المأمول
مع تزايد الضغط الشعبي والحقوقي، تأمل العديد من العائلات السورية في ألمانيا أن تكون تصريحات وزير الداخلية بداية لتحريك الملفات العالقة لا لتوسيع دائرة الاستبعاد. فهم لا يطلبون أكثر من حقهم في الحياة الآمنة، ولمّ الشمل، والعمل. لكن حتى الآن، تبقى الأسئلة أكثر من الإجابات… والقلق سيد الموقف.