الأحد, 22 يونيو 2025 05:59 PM

ترامب بين فكي كماشة أوكرانيا وإيران: هل ينجح في تجنب المستنقع؟

ترامب بين فكي كماشة أوكرانيا وإيران: هل ينجح في تجنب المستنقع؟

بقلم: علي عبود

تبددت آمال الرئيس الأمريكي في إيجاد حلول للنزاعات العالمية، وفشل في استبدال الحروب العسكرية بالحروب الاقتصادية. وها هو يغرق تدريجياً في المستنقع الأوكراني الذي حفره سلفه جو بايدن، بعد أن وعد بإخراج أمريكا منه في غضون أيام. بل يتجه سريعاً نحو الغرق في المستنقع الإيراني الذي حفرته طائراته!

لم يتردد ترامب في منح “إسرائيل” الضوء الأخضر للاعتداء على إيران، ليوقع نفسه أيضاً في مستنقع الحروب “الإسرائيلية” التي لن تنتهي خلال ولايته الثانية. صحيح أن ترامب "انتزع" من أوكرانيا صفقة المعادن النادرة مجاناً، لكن على الرغم من جهوده الدبلوماسية والضغوط السياسية وتخفيض المساعدات العسكرية للحرب الأطلسية ضد روسيا على الأراضي الأوكرانية، فإن جولات المفاوضات بين المتنازعين للتوصل إلى تسوية لا تعترف بانتصار روسيا وهزيمة أوكرانيا باءت بالفشل الذريع. بل كاد ترامب أن ييأس من إنهاء هذه الحرب، وهدد بتركها على حالها والتفرغ لإيران والصين!

ومع أن الرئيس ترامب أشاد مراراً بمحادثاته "الهاتفية" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن العالم لم يلمس نتائج هذه "الإشادة" حتى الآن، ما يعني إما أنه عاجز عن إنهاء الحرب، أو يريد تمديدها حتى يتمكن من ابتزاز روسيا وأوكرانيا لانتزاع أكبر المكاسب لأمريكا، ولو تطلب الأمر الغرق في المستنقع الأوكراني لعدة سنوات!

الأكثر من ذلك، لو ضمن ترامب "تحييد" روسيا أو إبعادها عن الصين، لكان أنهى الحرب الأوكرانية في غضون أيام. وبالتالي، فهو أمام خيارين: إما الغرق في المستنقع الأوكراني مجدداً على أمل الضغط على روسيا لمساعدته أو تحييدها على الأقل في حربه الاقتصادية مع الصين، أو ترك الحرب على حالها ومساعدة أوكرانيا بأقل قدر من المساعدات العسكرية ضماناً لاستمرار النزيف الروسي في أوكرانيا!

ولعل تحول اهتمام ترامب في الأسابيع الأخيرة من الملف الأوكراني إلى الملف الإيراني، ودخوله في مغامرة غير محسوبة تهدد بتفجير المنطقة برمتها بما فيها تركيا وباكستان والهند، وأيضاً الخليج، يؤكد رغبته الشديدة في تحقيق إنجازات ملموسة وسريعة لتحقيق مكاسب اقتصادية وتجارية لصالح أمريكا، بعدما اكتشف استحالة إنهاء الصراع الأطلسي الروسي في الأمد المنظور!

السؤال: هل ستخضع الحكومة الأمريكية العميقة، وخاصة مجمع الصناعة العسكرية، لخيارات ترامب التي أعلنها مراراً في حملته الانتخابية، أم ستجره للغرق أكثر فأكثر في المستنقعين الأوكراني والإيراني معاً؟

لقد حذّر وزير الخارجية الأوكراني السابق دميتري كوليبا، من أن الأيام المقبلة لن تحمل أي أخبار إيجابية للأوكرانيين، ورأى بأن إنهاء الصراع الأوكراني في ظل الظروف الحالية أمر غير ممكن، تماماً مثلما هو الحال مع الملف الإيراني الذي سيتحول بعد القصف الأمريكي للمنشآت النووية إلى حرب مدمرة قد تتطور إلى حرب عالمية ثالثة!

نعم، يسعى ترامب جاهداً للخروج من مستنقع الصراع الأوكراني، مثلما يؤكد "إعلامياً"، لكن مشاركته للعدو "الإسرائيلي" في الحرب على إيران وإصراره على استسلامها يكشف للعالم أنه انصاع للوبي الصهيوني وللحكومة الأمريكية العميقة، وأنه أغرق نفسه خلال دقائق في المستنقع الإيراني!

السؤال الآن: إلى أيّ مدى سيستجيب ترامب للوبي الصناعات العسكرية لإبقاء أمريكا في المستنقع الأوكراني حتى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لا يعرف قادة الأطلسي كيف ولا متى ستتحقق؟

وطالما أن اللقاء بين الرئيسين ترامب وبوتين مؤجل، فهذا يعني بأن إنهاء هذه الحرب ليس وشيكاً ولن يحصل في الأمد المنظور، فباستثناء ترامب "الإعلامي" ما من قوة في أوروبا وأمريكا تريد إنهاء الصراع دون هزيمة كبرى بروسيا، وهذا ما يرجح فرضية استمرار الغرق الأمريكي في المستنقع الأوكراني.

وقد يطلب ترامب من بوتين مساعدته في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وخاصة بعد الضربات العسكرية "الإسرائيلية" والأمريكية الأخيرة لمنشآتها النووية وقياداتها العسكرية، ولإبرام اتفاق آخر مع الصين قبل إغلاق ملف أوكرانيا نهائياً.

الخلاصة: شدد الرئيس ترامب بأن روسيا قادرة على تدمير المدن الأوكرانية بنسبة 100% بسرعة لكنها لا تريد ذلك، لكنه أكد أنه لا يرى ضرورة لخفض الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا لتحقيق السلام في أوكرانيا، وهذان مؤشران على تردد ترامب في الخروج من المستنقع الأوكراني، بل ها هو يغرق في مستنقع جديد على أمل إرغام إيران على توقيع اتفاق نووي بالشروط "الترامبية".

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: