إعداد: محمد عزوز
عاصي الرحباني، الموسيقي اللبناني الشهير، هو أحد الأخوين رحباني اللذين تركا بصمة لا تُمحى في تاريخ الموسيقى العربية. ولد عاصي، وهو الشقيق الأكبر لمنصور رحباني، في أنطلياس بلبنان في 4 مايو 1923.
نشأ عاصي في غابة الأرز، وشكل مع أخيه منصور ثنائياً فنياً عُرف بالأخوين رحباني. وقد حققا مع الفنانة فيروز تميزاً كبيراً، ففي عام 1954، تزوج عاصي الرحباني من فيروز، ليؤسسا معاً مسيرة فنية وحياتية متكاملة.
في عام 1957، افتتحت فيروز "مهرجانات بعلبك الدولية"، حيث قدمت مسرحيتها الغنائية الأولى "جسر القمر" من ألحان الرحباني. ومنذ عام 1962 وحتى عام 1976، توالت الأعمال المسرحية الغنائية لتصل إلى ستة عشر عملاً. وكانت مسرحية "هالة والملك" عام 1967 أول مسرحية تُعرض على مسرح بيكاديللي في بيروت، لتصبح تقليداً سنوياً يحول العاصمة اللبنانية إلى مهرجان كبير.
وإذا كانت القرية اللبنانية هي الديكور الأساسي لمسرحياتهما السابقة، فقد انتقل الرحابنة في "هالة والملك" من الواقع الريفي إلى المدينة كإطار تتحرك فيه الشخصيات، مستوحين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية التي كان يعيشها لبنان.
في مسرحيات فيروز والأخوين الرحباني، غالباً ما يكون الخير هو البطل الذي ينتصر على الشر، وتتلاشى المسافة بين الحلم والواقع، كما في "جسر القمر" حيث تجسد فيروز دور فتاة مسحورة لا يخلصها من سحرها سوى الحب، وفي "بياع الخواتم" تلعب دور الصبية الساذجة وتغني للحب أيضاً. وينطبق الأمر ذاته على مسرحياتهما الغنائية الأخرى مثل "البعلبكية" و "أيام فخر الدين" و "جبل الصوان" و "الشخص" و "يعيش يعيش" و "الليل والقنديل" و "صح النوم" و "المحطة" و "لولو" و "ميس الريم"، وأخيراً "بترا" عام 1976، التي طوت بها فيروز صفحة من حياتها بغياب عاصي الرحباني ودخول لبنان أتون الحرب.
عندما أُصيب عاصي بنزيف دماغي عام 1972، وكان يجري التحضير لمسرحية "المحطة"، وبمرضه غاب ركن التلحين في المسرحية، فسنحت الفرصة أمام الابن زياد الصغير، الذي كان يبلغ من العمر 17 عاماً، للتأليف الموسيقي من كلمات عمه منصور، فكانت أغنية "سألوني الناس" بصوت فيروز، والتي جسدت حالة مرض عاصي وغيابه لأول مرة عن عمل لهما في مقطع «ولأول مرّة ما منكون سوا».
بعد فترة من الخلافات، انفصلت فيروز عن عاصي في عام 1978، وعاش عاصي المريض في رعاية بعض أقربائه. كانت تلك نهاية حقبة الرحابنة في أغاني فيروز، لتبدأ بعدها رحلة الابن زياد في تولي مهام التلحين لوالدته. غنت فيروز بين المرحلتين لعدد من الكتاب والملحنين بينهم زكي ناصيف وفيلمون وهبي، لكن النقاد يصفون مرحلة زياد بأنها بعثت الحيوية مرة أخرى في فيروز. في 21 حزيران 1986، توفي عاصي الرحباني عن عمر يناهز 63 عاماً.
إعداد : محمد عزوز من موسوعته ( راحلون / في الذاكرة ) الألف الأولى (اخبار سوريا الوطن ١-المعد)