كتب خبير النفط المهندس حيدر عبدالجبار البطاط لـ"النهار": يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا عقب المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل، مما يثير مجددًا شبح الحروب المفتوحة في منطقة تعتبر من بين الأكثر حساسية لأسواق الطاقة العالمية.
هذا التصعيد لا يقتصر على الجانب الأمني، بل له انعكاسات مباشرة على استقرار إمدادات الطاقة ومصالح دول عديدة، سواء كانت مصدرة أو مستهلكة.
في ظل هذه التطورات المتسارعة، أعلنت إسرائيل وقف تصدير الغاز مؤقتًا، وهي خطوة ذات دلالات كبيرة، على الرغم من أن إسرائيل ليست من كبار مصدري الغاز عالميًا. إلا أن هذه الخطوة تنذر باضطراب في إمدادات الطاقة، خاصة للدول التي تعتمد جزئيًا على الغاز الإسرائيلي في مزيجها الطاقوي، مثل مصر والأردن، بالإضافة إلى بعض الدول الأوروبية التي تعول على مشاريع الغاز في شرق المتوسط كمصدر بديل على المدى المتوسط.
تمتد تأثيرات هذه التطورات إلى سوق النفط أيضًا، حيث أن تصاعد التوتر في منطقة الخليج العربي، وخاصة حول مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من تجارة النفط العالمية، يزيد من القلق في الأسواق. هذا القلق قد ينعكس في زيادة مؤقتة في أسعار النفط نتيجة لمخاوف المستثمرين من توسع نطاق الصراع وتهديد خطوط الإمداد الحيوية. وقد تضطر بعض الدول إلى زيادة اعتمادها على النفط كبديل مؤقت للغاز، مما يضع ضغوطًا إضافية على السوق العالمية ويرفع مستويات الطلب.
في ظل هذا التصعيد، تراقب الأسواق ما إذا كانت الحرب ستمتد إلى منشآت الطاقة في دول منتجة مثل السعودية أو الإمارات أو العراق، وهو سيناريو قد يفتح الباب أمام تقلبات حادة ويعقد المشهد الطاقوي العالمي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الدولي هشاشة متزايدة.
من ناحية أخرى، تمتلك إيران أوراق ضغط جيوسياسية حساسة، أبرزها تهديد الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمثل شريانًا حيويًا لإمدادات النفط والغاز العالمية. أي تهديد حقيقي لهذا الممر قد يتسبب في ارتفاعات حادة في الأسعار وتعطيل جزء كبير من تجارة الطاقة، خاصة وأن دول الخليج تعتمد عليه بدرجات متفاوتة لتصدير نفطها.
في المقابل، تبقى البنية التحتية الطاقوية الإسرائيلية عرضة لهجمات قد تؤثر على إنتاجها أو قدرتها على التصدير مستقبلًا، وهو ما يضيف بعدًا آخر لحالة عدم الاستقرار التي تسيطر على المنطقة.
المحصلة هي أن الأسواق العالمية ستظل متوترة في ظل هذا المشهد المعقد، مما يصعب التنبؤ بحركة الأسعار ويزيد من اعتماد الدول على التحوط والمضاربة لتأمين احتياجاتها. وكلما طال أمد التصعيد أو اقترب من منابع الطاقة، كلما أصبح الأثر أكبر وأكثر عمقًا على السوق. وفي حين يبدو وقف تصدير الغاز الإسرائيلي محدودًا من حيث الحجم، إلا أن دلالاته السياسية والاقتصادية في هذا التوقيت الحرج تجعله إشارة تحذيرية واضحة. أما أسعار النفط، فتبقى مرشحة للصعود، لا بسبب نقص فعلي في الإمدادات فحسب، بل بسبب الخوف من الآتي، في سوق تتغذى على الترقب والقلق أكثر مما تتأثر بالوقائع وحدها.
أخبار سوريا الوطن١-النهار