في مبادرة تهدف إلى غرس قيم الإنتاج والعمل وتحفيز التفكير الريادي لدى الشباب واليافعين، أطلقت مؤسسة “جسور الحضارات للتنمية والتطوير” ورشة تدريبية متخصصة في بناء الوعي المالي لدى فئة اليافعين واليافعات الأيتام والمعيلات/المعيلين في مدينة إدلب على مدار شهرين، وذلك ضمن إطار مشروعها التنموي “اليتيم والمعيل والريادي”.
يستهدف المشروع 20 شابة من الفئة العمرية بين 14 و18 عامًا، معظمهن من الأيتام المقيمات في مناطق شمال غربي سوريا، بهدف تمكينهن فكريًا ونفسيًا ومهنيًا من خلال تدريب تفاعلي يسلط الضوء على مفاهيم المال والعمل وتحديد الأهداف المهنية، مع التركيز على إعدادهن ليكن رائدات أعمال في المستقبل.
الريادة تبدأ من الوعي
بحسب مدير مكتب المؤسسة في سوريا، مصطفى سلوم، فإن المشروع يسعى إلى “زرع بذور الريادة والإنتاجية في عقول اليافعين، لا سيما من الأيتام أو الفئات المعيلة والفقيرة، من خلال تدريب عملي ونظري يهيئهم للتفكير في المستقبل بصورة أكثر وضوحًا وثقة”. وأضاف أن الورشة تركز في مرحلتها الحالية على الجانب التأسيسي النظري، بما يشمل التعرف على مفاهيم أساسية تتعلق بالمال والعمل والمشاريع، وذلك تمهيدًا للانتقال لاحقًا إلى كتابة المشاريع وتنفيذها على أرض الواقع.
تعزيز الثقة وصقل الشخصية
المدربة بثينة بري، التي تشرف على الورشة، أكدت في حديثها لـ”سوريا 24″ أهمية هذا النوع من التدريبات، خاصة للفتيات اليافعات، قائلة: “المرحلة العمرية بين 14 و18 سنة هي من أدق المراحل في تشكيل الشخصية والقيم والنظرة إلى الذات والمجتمع. وقد لاحظت خلال الجلسات تفاعلًا لافتًا من المشاركات، حيث أبدين حماسًا كبيرًا، وشاركن تجاربهن وأسئلتهن دون تردد، ما يدل على تعطشهن لهذا النوع من المعرفة”. وتابعت: “هناك تقبل كبير من الفتيات للتدريب، وقد لاحظنا أثرًا إيجابيًا واضحًا على مستوى الثقة بالنفس والتفاعل الجماعي، بل وظهرت بوادر حقيقية لتطور الأفكار والاستعداد لخوض تجارب ريادية مستقبلية”.
تحديات اجتماعية ونفسية… والتمكين هو الحل
رغم الحماسة والانفتاح، تواجه اليافعات عددًا من التحديات، كما توضح المدربة بثينة، والتي تقول إن “الضغط المجتمعي، وقلة الفرص، وعدم إيمان البيئة المحيطة بأفكار الفتيات، يشكل عائقًا أمام تطورهن”. وتضيف: “كذلك تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على نظرة الفتيات إلى أنفسهن، حيث يواجهن صعوبات في اتخاذ قرارات شخصية نابعة من قناعتهن، ويعانين من الخوف من الفشل ومن عقد المقارنة المستمرة مع الآخرين، ما يضع علينا كمدربين مسؤولية مضاعفة في دعمهن وبناء ثقتهن بأنفسهن”.
تغيير ملموس في نظرة الفتيات لأنفسهن
من جانبها، عبّرت الشابة “نور جانم”، إحدى المشاركات في الورشة، عن تقديرها لتجربة التدريب، قائلة: “ساعدتنا التدريبات على تطوير أفكارنا وتوسيع آفاق تفكيرنا، والمدربة كانت حريصة على تعزيز ثقتنا بأنفسنا. أصبحنا أكثر جرأة في التعبير عن آرائنا، وأكثر وعيًا بمستقبلنا”. وأضافت نور أن الأفكار المطروحة خلال التدريب كانت جديدة وغير مألوفة بالنسبة لها ولزميلاتها، إذ لم يتلقين مثل هذه المعلومات لا في المدرسة ولا في أي مكان آخر، مشيرة إلى أن أسلوب المدربة في توصيل المعلومات كان سلسًا وواضحًا وساهم في فهمهن السريع.
نحو جيل منتج وواعٍ
يسعى المشروع، وفق القائمين عليه، إلى بناء شبكة من اليافعين واليافعات القادرين على قيادة مشاريع صغيرة مستقبلًا، وتحقيق أثر مجتمعي ملموس من خلال تبادل الخبرات وصقل المهارات الريادية، بما يعزز من فرص العمل ويقلص الفجوة الاقتصادية التي يعاني منها الشباب في مناطق شمال غربي سوريا.
وفي ختام الورشة، تأمل جمعية جسور الحضارات أن تكون هذه المبادرة خطوة أولى نحو بناء جيل شاب واعٍ، يملك المعرفة والمهارات اللازمة ليكون فاعلًا ومؤثرًا في محيطه، بعيدًا عن التهميش والتبعية الاقتصادية.