الخميس, 19 يونيو 2025 01:44 AM

إيران ومضيق هرمز: سلاح الطاقة النووي الذي يهدد استقرار الأسواق العالمية

إيران ومضيق هرمز: سلاح الطاقة النووي الذي يهدد استقرار الأسواق العالمية

تُعد إيران قوة نفطية وغازية عالمية، إذ تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في احتياطي النفط المؤكد بعد فنزويلا والسعودية، وتملك ما يقارب 17-18% من إجمالي احتياطي الغاز الطبيعي العالمي. تلعب إيران دورًا محوريًا في سوق الطاقة العالمية، ليس فقط لثرواتها الطبيعية الهائلة، بل لموقعها الجغرافي الفريد عند بوابة الخليج العربي.

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تتجه الأنظار مجددًا إلى طهران، وسط مخاوف من لجوئها إلى سلاحها الأهم: إغلاق مضيق هرمز. على الرغم من العقوبات الغربية التي أعاقت انخراطها الكامل في السوق العالمية، لا تزال تنتج قرابة 3.4 ملايين برميل نفط يوميًا، وتصدر جزءًا مهمًا منها، خاصة إلى الصين، المستورد الأول من منطقة الخليج.

الأهمية الحقيقية لإيران تتجاوز مواردها إلى موقعها الاستراتيجي المطل على مضيق هرمز، الممر البحري الأضيق والأهم في العالم لنقل الطاقة. يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية و20% من صادرات الغاز الطبيعي المسال، أي ما يعادل 14 مليون برميل نفط يوميًا. أي خلل في هذا الشريان قد يؤدي إلى صدمة فورية في الأسواق وإرباك منظومة الطاقة الدولية.

تكشف البيانات الحديثة مدى مركزية هذا المضيق في حركة الطاقة العالمية. ففي عام 2023، بلغت نسبة النفط المنقول عبره 41% من السعودية، 21% من العراق، 13% من الإمارات، و10% من الكويت، إضافة إلى 9% من إيران نفسها و5% من قطر. أما بالنسبة إلى المستوردين، فالصين استحوذت على 33% من هذا النفط، تليها الهند بـ13%، ثم اليابان وكوريا الجنوبية بـ11% لكل منهما، بينما حصلت أوروبا والولايات المتحدة على نحو 7% فقط.

تعتمد دول الخليج بشكل متفاوت على المضيق في صادراتها النفطية: العراق يعتمد بنسبة 94%، قطر 93%، السعودية 84%، إيران 81%، الكويت 79%، البحرين 77%، والإمارات بنسبة 56%. أي إغلاق للمضيق لن يضرب الأسواق العالمية فحسب، بل سيصيب قلب اقتصادات الخليج نفسها. من ناحية الأرقام، تظهر صادرات النفط من خلال المضيق بين كانون الثاني/يناير وتشرين الأول/أكتوبر 2023 على الشكل الآتي: السعودية تصدّر 7.11 ملايين برميل يوميًا، العراق 3.65 ملايين، الإمارات 3.38 ملايين، الكويت 2.43 مليون، إيران 1.83 مليون، وقطر 1.47 مليون. أما على صعيد الغاز، فتمكنت قطر من تصدير 79.8 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال عبره، في حين بلغت صادرات الإمارات 5.4 ملايين طن.

في حال قررت إيران، تحت ضغط التصعيد أو العقوبات، إغلاق مضيق هرمز، فإن التداعيات ستكون كارثية. من المتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولارًا للبرميل خلال أيام، وقد نشهد حالة من الهلع في الأسواق المالية وتباطؤًا اقتصاديًا عالميًا نتيجة ارتفاع تكلفة الطاقة. كما قد تتجه القوى الكبرى إلى ردود عسكرية لضمان حرية الملاحة، ما يعني احتمال توسع النزاع إلى مواجهة إقليمية أو دولية أوسع.

ورغم أن إغلاق المضيق قد يبدو خطوة انتحارية بالنسبة إلى إيران، إلا أنها لطالما لوّحت به كورقة ضغط، وهي تملك من الوسائل العسكرية ما يمكنها من تهديد الملاحة، مثل الألغام البحرية، الزوارق السريعة، الصواريخ، والطائرات المسيّرة. لكن إيران تعرف جيدًا أن اللجوء إلى هذا السيناريو الخطير قد يؤدي إلى عقوبات غير مسبوقة أو إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن وحلفائها.

في الخلاصة، لا يمكن فصل مكانة إيران في سوق الطاقة عن دورها الجغرافي في تأمين إمدادات النفط العالمية أو تهديدها. فمضيق هرمز ليس مجرد ممر مائي، بل هو ساحة استراتيجية بامتياز، يُشكّل فيها الوجود الإيراني عنصرًا حاسمًا في معادلة الأمن أو الفوضى. وفي ظل تصاعد التوترات السياسية والعسكرية، تصبح كل الاحتمالات واردة، وكل برميل يمر عبر المضيق، أشبه برقم في معادلة معقّدة تُهدد بانفجارها في أي لحظة.

مشاركة المقال: