الخميس, 19 يونيو 2025 01:36 AM

بعد عقود من الجدل: هل يضع تعديل قانون الإيجار القديم حداً لمعاناة المالك والمستأجر في سوريا؟

بعد عقود من الجدل: هل يضع تعديل قانون الإيجار القديم حداً لمعاناة المالك والمستأجر في سوريا؟

مجد عبيسي: يظل قانون الإيجار القديم في سورية موضوعاً ذا أهمية كبيرة، حيث يعكس علاقات اجتماعية واقتصادية معقدة، ويُعبر عن توازنات لم تستقر بعد.

إطلاق قوانين جديدة أو التعديلات المتكررة كانت محاولة لتلبية حاجات مختلفة، لكن يبقى التحدي الأكبر هو وضع إطار قانوني مرن وعادل يواكب تطورات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ويوفر حماية متوازنة للطرفين المعنيين. المواطن السوري اليوم يستبشر خيراً لتعديل قارب قانوناً جائراً استمر لعقود..

معاناة ويقول أحد المتضررين (محمد جمال الدين) لصحيفتنا “الحرية”: قانون الإيجار رغم تعديلاته على مدى السنوات ما زال جائراً.. “المستأجرون القدامى” يعيشون في بيوت لأكثر من ستين عاماً، ويدفعون إيجارات زهيدة، في حين أن أصحاب العقارات يعانون من عدم القدرة على استثمارها بشكل عادل.

خبير: الفقرات الحكمية التي ما زالت في القانون تعيق تنشيط السوق العقارية وتؤدي إلى الركود في القطاع.

فنطالب إما بالإخلاء وإعادة العقارات إلى أصحابها أو أن تكون الإيجارات بالسعر الرائج، فالأمر وكأن القانون قد سنّ لأحدهم كي يقاسمك رزقك! ويقول الشاب (تراث): إيجار بيتنا العربي مع غرفة ومنافعها بالطابق الثاني بعد أكثر من ستين عاماً أصبح حالياً مئتي ليرة سورية بالشهر.. من يرضى بهذا؟ ومن يقبل بهذا القانون الظالم؟ مضيفاً: ألغوا قانون الإيجار القديم الظالم وأعيدوا لنا بيوتنا وألغوا قانون الأربعين بالمئة الذي يورث المستأجر المالك للبيت وينتقل الإرث للورثة من أولاد وأحفاد!

تقول (صفاء.ر) إحدى المتضررات: المشكلة إذا مات المستأجر ترث الإيجار زوجته وإذا ماتت الزوجة يرثها الأولاد.. حتى لو كانوا كباراً ومتزوجين ولديهم منازلهم. وهكذا الإيجار يورث للأحفاد وأولاد الأحفاد للأبد ويموت المالك وأولاده قهراً على بيوتهم!

يقول (زهير.ن): هل من المعقول أن نطالب فقط بإلغاء قانون الإيجار القديم قبل تعديل قيمة الإيجارات الخيالية وأسعار البيوت التي أصبحت أغلى من أوروبا؟

رأي خبير يقول الخبير العقاري المحامي (محمد العاشق) في مداخلة لـ”الحرية”: إن بداية الاهتمام الرسمي بقوانين الإيجار كانت في أوائل القرن العشرين، تحديداً مع إصدار قانون الموجبات والعقود العثماني الذي كان يُطبّق على سوريا، والذي أعطى بعض الأحكام الخاصة بالمستأجرين مع ضرورة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بما يحقق العدالة ويمنع الاستغلال. بدأت مع قانون الإيجارات رقم 49 لعام 1932 والذي كان يُعرف بـ”قانون الإيجار القديم”. ثم ظهر قانون الإيجارات رقم 6 لعام 1940 الذي أدخل بعض التعديلات على قانون 1932، خصوصاً فيما يخص تحديد المدد القانونية لعقود الإيجار وفترات الإخلاء. ثم أُحدث تعديل جوهري على القوانين السابقة بقانون الإيجارات رقم 50 لعام 1964، الذي أصبح يُطلق عليه أحياناً “قانون الإيجار القديم” لأنه حافظ على العديد من الأحكام التي كانت سارية قبل سنة 1964. ثم جاء القانون رقم 10 لعام 2018 الذي ألغى جزءاً كبيراً من امتيازات الإيجار القديم، وحدّ من حقوق المستأجرين في بعض الحالات، وأعطى صلاحيات واسعة للسلطات المحلية في تنظيم عمليات الإخلاء، وتحديد أسعار الإيجارات الجديدة.. إما أن تكون رضائية بين الطرفين أو بدعوى تخمين للعقار كل ثلاث سنوات، وتكون الزيادة بشكل نسبي، ولكنها لا تزال بعيدة عن السوق الرائج لإيجارات العقارات. كما قيد التمديد الحكمي بهدف إلغاء أحكام قديمة وتحديثها بشكل تدريجي.

يستوجب التعديل ويرى الخبير (محمد العاشق) أن الفقرات الحكمية التي ما زالت في القانون تعيق تنشيط السوق العقارية، وتؤدي إلى الركود في قطاع العقارات بسبب انخفاض الإيجارات القديمة، وعدم مرونتها مع الظروف الاقتصادية المتغيرة، وفيها غبن لمالك العقار القديم. وبالمقابل ملاك العقارات حالياً يقومون بغبن المستأجر بأسعار فاحشة وغير حقيقة، وهذه تحتاج إلى قانون ناظم يضبطها ليحمي المستأجر.. لذلك بات تعديل قانون الإيجار من الضروريات لمواكبة إعادة الإعمار وفتح السوق المحلي القادم للمستثمرين والمغتربين وسهولة ضخ العملة في العجلة الاقتصادية.

بارقة نور وأشار إلى أن وزارة العدل قد أصدرت بالفعل القرار رقم (856/ل) لعام 2025، والقاضي بتشكيل لجنة مختصة لدراسة الصعوبات القانونية والتنظيمية المرتبطة بعقود الإيجار ذات التمديد الحكمي، سواء كانت مملوكة للأفراد أو للدولة، وكذلك عقود الإيجار المجددة حكماً. وحسب القرار، ستتولى اللجنة، وفقاً لما ورد في المادة الثانية من القرار، دراسة الإشكاليات المرتبطة بعقود الإيجار، وتقديم مقترحات لحل الخلافات الناشئة عنها، بما يحقق العدالة بين الأطراف المتنازعة. وقد مُنح أعضاء اللجنة مهلة أقصاها ثلاثة أشهر لإنهاء مهامهم.

أخبار سوريا الوطن١-الحرية

مشاركة المقال: