الأربعاء, 18 يونيو 2025 03:16 PM

الإعلام الغربي والحرب النفسية: كيف يخدم أجندة الصراع؟

الإعلام الغربي والحرب النفسية: كيف يخدم أجندة الصراع؟

نزار نمر

لقد اعتدنا «كتيّب التعليمات» الذي يقرأ فيه الإعلام الغربي لتبرير الهمجية الإسرائيلية وخدمتها. منذ «طوفان الأقصى»، لم يعد شيء يفاجئ في أداء هذه المنظومة التي لا تقلّ خطورةً عن المنظومة الحربية.

منذ «طوفان الأقصى»، تخندق معظم الإعلام الغربي إلى جانب كيان الاحتلال، منصّباً نفسه أداةً بيَد الكيان وحربه النفسية، ومدافعاً عن جرائمه من دون اكتراث لصورته «الموضوعية» التي حرص على ادّعائها لعقود. وقد ورد على هذه الصفحات الكثير عمّا اقترفه هذا الإعلام بالتفصيل في السنتَين الماضيتَين، علماً أنّه كانت هناك استثناءات بسيطة بين الحين والآخر.

تمهيد للعدوان منذ حينه، كلّما وسّع الكيان حربه واحتلاله إلى مناطق جديدة، كان الإعلام الغربي يرافقه و«يجدّد البيعة». هذا ما حصل في العدوان على لبنان وسوريا واليمن، والآن أتى دور إيران بعدما شنّ الكيان عدوانه الأخير عليها وردّت بعملية «الوعد الصادق 3».

منذ ما قبل بدئه، سوّغ الإعلام الغربي المهيمن للعدوان على إيران، هو الذي لم يألُ جهداً يوماً في التحريض عليها وبثّ البروباغندا المعادية لنظامها على اختلاف برمجته، تماماً كما الأمر مع روسيا والصين وكوريا الشمالية.

صحف وقنوات أميركية وأوروبية تجزم بأنّ سقوط النظام بات وشيكاً.

هكذا، لم تعد تقتصر الحرب النفسية على إيران و«إسرائيل» والإعلام التابع لهما. يحاول الإعلام الغربي إظهار إيران على أنّها تستهدف «المدنيّين» الإسرائيليّين من دون تحقيق أهداف عسكرية، مقابل التعتيم على الضحايا المدنيّين الإيرانيّين والادّعاء بأنّ «إسرائيل» تستهدف فقط الأهداف العسكرية.

وبعدما لم يعد يتمكّن من حجب صورة استهداف «إسرائيل» مستشفى وسيّارة إسعاف في إيران، إضافة إلى قناة التلفزيون الرسمية يوم الإثنين، عاد إلى الحرب النفسية التي دأب عليها خلال المفاوضات النووية قبل العدوان.

شريكة في الحرب مثلاً، زعمت «رويترز» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ إيران طلبت من قطر والسعودية وعُمان الطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب – الذي يشنّ بدوره حرباً نفسية – الضغط على «إسرائيل» للموافقة على هدنة فورية، رغم أنّ كلّ المعطيات الميدانية كانت تشير إلى عكس ذلك، وهو ما استدعى المسؤولين الإيرانيّين لنفي الأمر.

كذلك، تخرج صحف وقنوات أميركية وأوروبية لتجزم بأنّ سقوط النظام في إيران بات وشيكاً، كجزء من هذه الحرب، رغم ألّا أحد من القائمين عليها يدري مآلات الأمور.

ولئن أصبح موضوع الحرب النفسية بديهياً في حروب عصرنا هذا، إلّا أنّه يُفترض أنّ يكون بين الطرفَين المتصارعَين، لا من قبل طرف ثالث يتدخّل لمصلحة أحدهما كما يفعل الرئيس الأميركي، فكيف إذا كانت وسائل إعلام تستغلّ تصريحات له (مثل إعلانه المريب أنّ على سكّان طهران إخلاءها)، بل تقوم بمجهودها الذاتي فوق ذلك.

من جهة أخرى، يُعدّ الإعلام العالمي الداعم لإيران في هذه الحرب ضعيفاً، لكنّ ذلك لا يعني عدم المشاركة في الحرب النفسية.

فقد انتشرت حسابات كثيرة على منصّات التواصل الاجتماعي تتبع لإيران أو على الأقلّ تدّعي ذلك، تقوم بوضع منشورات مثيرة للجدل.

انتشرت على سبيل المثال صوَر مصنوعة عبر الذكاء الاصطناعي لدمار مفترض في تلّ أبيب، رغم وجود مقاطع كثيرة تُظهر الدمار الحقيقي من دون اللجوء إلى ما كانت تلجأ إليه «إسرائيل» في العادة.

كما انتشرت تهديدات مزعومة نُسبت إلى أطراف مثل الحرس الثوري، تدّعي قوله إنّ زوال الكيان قد بدأ. علماً أنّ طبيعة هذه المنشورات أثارت شكوك كثر حول احتمال كون هذه الصفحات مشبوهة، ومحتواها مدسوساً من جهات استخبارية مثل «الموساد».

مشاركة المقال: