بدأت شعبة "رش المبيدات" التابعة لمجلس مدينة حلب شمالي سوريا، حملة رش ضبابي تستهدف عددًا من أحياء المدينة، بهدف الحد من انتشار الحشرات المسببة للأمراض، وعلى رأسها داء اللشمانيا (حبة السنة) وبعض الأمراض الجلدية الأخرى.
شملت الجولات التي نفذت اليوم، 19 من أيار، أحياء الفيض وبستان الزهرة والجميلة والسليمانية، وذلك ضمن خطة تمتد لثلاثة أشهر وتشمل مختلف مناطق المدينة.
أوضح عبد السلام الراعي، مسؤول قسم المتابعة في مؤسسة "البيئة النظيفة" (e clean) بحلب، أن حملة الرش ستغطي جميع أحياء المدينة، مع إعطاء أولوية للمناطق الشرقية نظرًا لوجود دمار وأنقاض فيها.
وأضاف أن الحملة تتضمن ثلاث جولات يوميًا (جولتان صباحيتان وواحدة مسائية)، وتشمل الرش الضبابي والرذاذي، باستخدام مبيدات معتمدة من الجهات الحكومية المتخصصة.
معدات متضررة
أشار الراعي إلى أن مجلس المدينة أمّن الآليات والمواد الأولية والأدوية الخاصة بالرش، فيما تكفلت حملة "الوفاء لحلب" بتأمين المحروقات لمدة شهر قابل للتمديد، بالإضافة إلى صيانة 12 جهاز رش رذاذي، وأربعة أجهزة ضبابية.
كما ذكر أنه تم توجيه رؤساء القطاعات والشُعب للتنسيق مع مخاتير الأحياء، مؤكدًا أن الهدف من الحملة هو الوقاية والحد من انتشار داء "اللشمانيا".
تواجه الحملة صعوبات، بحسب الراعي، أبرزها تضرر الآليات، لا سيما أجهزة الرش، وارتفاع تكاليف الصيانة، في ظل غياب بدائل جاهزة في حال حدوث أعطال.
وفيما يتعلق بالجانب التوعوي، قال إن حملة "الوفاء لحلب" تعمل على إصدار منشورات ونشر محتوى توعوي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أكد الراعي أن المبيد المعتمد في الحملة هو "سيرونيكس"، وهو من المبيدات الفعالة والمصنفة تحت مسمى "مبيدات الصحة العامة".
دواء معتمد
يتم اعتماد نوع الدواء من قبل لجنة مختصة في مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارتي الصحة والإدارة المحلية، حيث يخضع لتقييم علمي قبل توزيعه على مختلف المحافظات، ما يضمن توحيد نوع المبيد المستخدم في كافة المدن السورية، بما فيها حلب.
نوه الراعي إلى أنه قبل عام 2004، كانت مبيدات ضارة ذات تأثيرات سلبية على البيئة والإنسان تستخدم في حملات كهذه، وكانت تقتل حتى العصافير، وتسبب مرض السرطان في بعض الحالات، قبل الاستغناء عنها كونها ممنوعة من الاستخدام.
كما أشار إلى أن معظم الأدوية في السابق كانت تأتي كهبات من منظمات، بينما يحصل اليوم كل قطاع على 804 ليترات من المبيد الرذاذي و216 ليترًا من المبيد الضبابي.
وفي حال استمرار تفشي الحشرة، أوضح الراعي أنه لا يمكن تمديد الحملة لما بعد الأشهر المخطط لها، إذ يتغير الطقس ويبدأ موسم الأمطار، ما يمنع تنفيذ عمليات الرش.
وأشار إلى أن تأخر انطلاق الحملة يعود للظروف الجوية، إذ كان من المفترض أن تبدأ مع بداية نيسان الماضي، لكنها انطلقت فعليًا في منتصف أيار الحالي.
ما آلية العمل؟
أوضح أحمد الشيحان، المشرف على رش المبيدات في مجلس مدينة حلب، أن المدينة مقسّمة إلى 12 قطاعًا، جرى تزويد كل منها بجهاز رش رذاذي، في حين تتولى الشعبة المركزية عمليات الرش الضبابي.
تلتزم كل جهة بالعمل ضمن نطاقها الجغرافي وفق جدول محدد يضمن تغطية كافة المناطق.
وأضاف الشيحان أن القطاعات تتسلم المواد من مجلس المدينة مباشرة، وتقوم بعمليات الرش ضمن اختصاصها، ما يخلق تنسيقًا يوميًا مستمرًا بين الفرق الميدانية والمجلس لضمان فاعلية الحملة وسيرها بسلاسة.
من جانبه، أكد موفق الأخرس، رئيس شعبة النظافة في مديرية خدمات السليمانية، أن الحملة بدأت فعليًا منتصف الشهر الحالي، بعد صيانة جهاز الرش بالتعاون مع شعبة رش المبيدات في الشؤون الصحية، واستلام مواد الرش والمحروقات اللازمة.
وأوضح الأخرس أن الشعبة تتولى تهيئة الجهاز والمحروقات والكمية المخصصة للرش يوميًا، قبل الانطلاق إلى الأحياء وفق جداول معتمدة من مؤسسة "e clean" ومديرية الشؤون الصحية، مشيرًا إلى أن مندوبًا من مكتب المختار يرافق فريق الرش في جولاته.
وبيّن أن التركيز في العمل يكون على المناطق الأكثر تضررًا وتلك التي تحتوي على ركام وانتشار واضح للحشرات، مضيفًا أن نتائج الحملة بدأت بالظهور على الأرض.
"اللشمانيا".. بيئة مهيأة للتفشي
تنتقل "اللشمانيا" في سوريا عبر لدغات ذباب الرمل، وتعرف محليًا باسم "حبة حلب"، إذ تسبب تقرحات جلدية تستمر لأشهر، وتنتشر بشكل خاص في المناطق العشوائية أو تلك التي ما زالت تعاني من الركام والنفايات.
يعد وجود مكبات القمامة المكشوفة، الأبنية المهدّمة، وضعف خدمات النظافة عوامل مساهمة في تكاثر الحشرات الناقلة، ما يزيد من خطر انتشار المرض، خاصة في ظل الواقع البيئي المتدهور في عدد من أحياء المدينة.
وكان سكان حي الشعّار اشتكوا في وقت سابق لعنب بلدي، من تراكم القمامة، ما يسبب بانتشار الآفات والحشرات، ومنها "اللشمانيا"، مطالبين الجهات الحكومية بوضع حلّ للمشكلة القائمة، وتسيير دوريات للبلدية.